نعيم قاسم بخطاب متجهم… من التصعيد إلى الإستجداء
نعيم قاسم بخطاب متجهم… من التصعيد إلى الإستجداء
هذا التحوّل من المواجهة إلى الإستجداء يعكس إدراك الحزب لحجم العزلة الإقليمية والدولية التي يعيشها
في مشهد لافت يعكس تبدل الحسابات داخل حزب الله، أطلّ نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم بوجه متجهم وخطاب مشحون، لكن هذه المرة ليس للهجوم على السعودية كما اعتاد في السنوات الماضية، بل للاستجداء بضرورة فتح باب الحوار معها.
لطالما كان حزب الله في طليعة القوى التي شنّت هجمات سياسية وإعلامية قاسية على المملكة العربية السعودية، فوصلت الحملات إلى نعت آل سعود بأبشع الأوصاف، وإتهامهم بالعمالة، بل وتبنّي الحوثيين المدعومين من الحزب لاستهداف العمق السعودي، من منشآت أرامكو وصولاً إلى تهديد باحتلال أجزاء من أراضي المملكة. إلا أنّ ما ظهر في خطاب قاسم الأخير يعكس إنقلاباً في النهج، إذ بات الحزب نفسه يرسل إشارات إستجداء للحوار، بعدما كان شريكاً في تغذية المواجهة.
لا يخفى أن عدداً من خبراء الحزب العسكريين لعبوا دوراً أساسياً في تدريب وتجهيز الحوثيين لشنّ هجمات على الأراضي السعودية خلال السنوات الماضية. هذه الهجمات وضعت المملكة أمام تحديات كبرى في أمنها الطاقوي والإقتصادي، وجعلت حزب الله يُصنف طرفاً معادياً بشكل مباشر. واليوم، وبعد سلسلة إخفاقات سياسية وإقتصادية يعيشها لبنان، يجد الحزب نفسه يطرق باب السعودية بلسان قادته السياسيين، مستجديًا إعادة وصل ما انقطع.
مصادر سعودية مطّلعة أكدت أنّ المملكة لا تعترف بأي حوار مع أطراف خارج إطار الدولة اللبنانية، وأنّها حصراً تتحدث مع الحكومة الشرعية في بيروت، رافضة بشكل قاطع الإنفتاح على حزب الله الذي تعتبره متورطاً بعمق في استهداف أمنها القومي، سواء عبر دعم الحوثيين أو من خلال هجمات طالت منشآت أرامكو. هذا الموقف يعكس ثباتاً في الرؤية السعودية: لا حوار مع من تورط في تهديد المملكة، والحل يمرّ عبر الدولة اللبنانية لا عبر القوى المسلحة.
هذا التحوّل من المواجهة إلى الإستجداء يعكس إدراك الحزب لحجم العزلة الإقليمية والدولية التي يعيشها، ولانكشاف الساحة اللبنانية بعد تقلّص الدعم الخارجي، خصوصاً الإيراني. وبينما يواجه لبنان أزمة اقتصادية خانقة وتراجعاً في الأمل بأي حلول قريبة، يظهر حزب الله في موقف لم يعتَد عليه من قبل: السعي وراء من كان يعتبرهم أعداء الأمس، في محاولة لتخفيف الضغط السياسي والشعبي المتزايد عليه.