كمال شهيب: حكاية جسر من الأحلام والعطاء بين عاليه وديترويت

كمال شهيب: حكاية جسر من الأحلام والعطاء بين عاليه وديترويت

  • ٢٥ أيلول ٢٠٢٥
  • خاص بيروت تايم

من الولايات المتحدة إلى عاليه، نسج حكاية جسر من الحبّ والعمل، حيث تتحوّل المبادرات إلى رسائل حياة، وتتجسّد الهجرة في بناء الجسور لا الجدران فتلتقي بالذاكرة اللبنانية لتشكّل وطناً أرحب وأوسع.

 كمال شهيب حلم كبير، حلم اللقاء بين وطنين: لبنان، مسقط رأسه، وأميركا، أرض الفرص.  حمل شهيب هذا الحلم على عاتقه وسافر إلى الولايات المتحدة، ليعود بعد سنوات رجل أعمال ناجحاً وناشطاً إنسانياً، مؤمناً بأنّ العطاء هو أجمل أشكال الإنتماء. من ميشيغن إلى عاليه، نسج حكاية جسر من الحبّ والعمل، حيث تتحوّل المبادرات إلى رسائل حياة، وتتجسّد الهجرة في بناء الجسور لا الجدران وتلتقي الهجرة بالذاكرة اللبنانية لتشكّل وطناً أرحب وأوسع.

في لقاء شيق عن الطموح والهجرة والخدمة والإنتماء الى لبنان ضمن برنامج

  IN MY DNA

 مع ريميل نعمة

رابط الحلقة كاملاً على يوتيوب

https://www.youtube.com/watch?v=i4z6ARfiWok&t=74s

بين بيوت القرميد  وناطحات السحاب

عن كمال شهيب الطفل الحالم وأحلامه، يرى أنّ الشغف بدأ باكراً منذ العام 1956 يوم وقع الزلزال في بيروت حين كان في العاشرة من عمره وحصل على هدايا طفولية كمساعدات آتية من الولايات المتحدة فهم أنّ هناك بلاداً ما وراء البحار أبعد من لبنان ممكن أن تتحقق فيها فرص وأحلام فيها. ورغم حلم الهجرة فإنّ عاليه مدينته و«عروس المصايف » آنذاك ومدينة تغنّى فيها الشعراء والفنانين بقيت في وجدانه بكل ذكريات الصبا، يفخر بالإنتماء إليها وإلى لبنان، وبالرغم من «الطموح اللبناني والثقة بالنفس»، لم يكن فراق  العائلة سهلاً فالحبّ الوالدي وصورة الأم التي أضاءت يومياته في لبنان رافقاه، وأيضاً تشجيع معلمته وجيهة الجردي ألهمه، كما تجذّر هذا الإرتباط بالوطن في وصية والده بالزواج من لبنانية، وعبر رغبة الأب أن يتملك إبنه في لبنان وفي مدينته عاليه، فلم تنقطع العلاقة رغم المسافات.

سرّ الحماس وجذور النجاح

تميّز كمال بحماسه الدائم الذي يشبه حماس شاب في العشرين من عمره. يعزو شهيب سرّ هذه الطاقة إلى فلسفته في الحياة، فهو رجل إيجابي ينظر دائماً إلى النصف الممتلئ من الكأس. يرى أنّ هذا التفاؤل كان عوناً كبيراً له في مسيرته. ورغم أنّ أمريكا صقلت فيه الكثير من القيم، فإنّه يؤكد بفخر أنّ جذوره اللبنانية هي الأساس؛ فاللبناني، أيّنما حل، يتميز بالطموح وحبّ العلم والحياة، ويحترم البلد الذي يستضيفه.

مع ذلك، كان لأمريكا فضل كبير في تعليمه قيماً محورية، أبرزها الصدق في التعامل، وإتاحة الفرصة لكل فرد ليثبت جدارته. يرى شهيب أنّ الهجرة كانت سبيلاً  للنجاح لأنّها منحته المجال لتحقيق أحلامه، عبر مؤسسات مالية قوية، كالمصارف التي تمنح القروض لدعم المشاريع الناشئة، وهو ما ساهم في نجاح الكثير من اللبنانيين هناك.

من الهندسة إلى العقارات: المخاطرة الأولى

لم يكن طريق النجاح مفروشاً بالورود. فالعمل في أمريكا يتطلب جهداً دؤوباً واستعداداً لخوض المخاطر. يتذكر شهيب أول مخاطرة كبرى في حياته، والتي كانت منعطفًا حاسماً. فبعد تخرّجه مهندساً مدنياً عام1969  براتب سنوي كبير آنذاك، قرّر بعد عامين ترك الهندسة ودخول عالم العقارات. لم يكن يملك حينها سوى 5000  دولاراً جمعها من عمله.

بجرأة كبيرة، إستثمر هذا المبلغ كمقدم لمشروع عقاري ضخم. راهن على قدرته على إيجاد التمويل اللازم، ونجح بعد ستة أشهر في بيع المشروع محققاً ربحاً مرضياً. كانت تلك اللحظة التي أدرك فيها أنّ مستقبله يكمن في عالم العقارات، فترك الهندسة نهائياً وكرّس وقته وطاقته للإستثمار العقاري.

تجاوز الأزمات ومسيرة الصعود

لتنمية شركته، بدأ شهيب في الثالثة والعشرين بالبحث عن مستثمرين، فلجأ إلى دليل الهواتف للتواصل مع النخب العرب وإقناعهم بالإستثمار معه في العقارات. نجح في بناء ثقة المستثمرين وتوسّعت أعماله من ميشيغن وصولاً إلى تكساس وأريزونا.

لكن هذه المسيرة لم تخلُ من الإنتكاسات. واجه شهيب أزمتين كبيرتين كادتا أن تقضيا على كل ما بناه. الأولى كانت في هيوستن أواخر السبعينيات، عندما انهار سعر النفط، مما أدى إلى إنهيار إقتصادي في المدينة التي تعتمد على النفط، وتكبدت شركته خسائر فادحة.

الأزمة الثانية كانت الأزمة المالية العالمية عام 2008، التي عصفت بقطاع العقارات. إنخفضت قيمة الأصول بشكل هائل، وواجهت الشركة خطر الإفلاس. في كلتا الأزمتين، كانت العلاقة المتينة والمبنية على الثقة مع المصارف طوق النجاة. فلأنّ شركته كانت تتمتع بسمعة جيدة وتاريخ من الإلتزام، تعاونت المصارف معها، ومددت آجال الديون، وخففت الفوائد، ومنحتها «أكسجيناً» لتتمكن من الصمود وتجاوز المحنة. يؤكد شهيب أنّ هذه الثقة المتبادلة هي حجر الزاوية في نمو الأعمال في أمريكا.

العطاء ورد الجميل: توأمة عاليه وتروي

مع تحقيق النجاح المالي، شعر كمال شهيب أنّ مسيرته لن تكتمل دون معنى أو رسالة إنسانية. وجد هذا المعنى في العمل التطوعي من خلال «نادي الروتاري» الذي إنضم إليه قبل 43  عامًا. ألهمه عمل النادي في خدمة مجتمعه في مدينة تروي بولاية ميشيغان، فقرر منذ 27 عاماً أن ينقل هذه التجربة إلى مسقط رأسه، مؤسساً نادي «روتاري عاليه»، هذا النادي يشكل جسراً بين عاليه وأميركا، وما أثار حماسه في «الروتاري» هو تركيز برامجه على تعليم الشباب، ما يعني بناء المستقبل بشكل سليم، إضافة إلى روح الخدمة والأعمال التنموية التي تطال شريحة واسعة من الناس، وهذه المساهمات تستهدف المؤسسات الصحية والتربوية وغيرها وتبقى لمدينته عاليه الحصة الأكبر.

وقد بادر شهيب لتحقيق التوأمة بين مدينة تروي، مقره في أمريكا، ومدينة عاليه، مسقط رأسه في لبنان. لم تكن هذه التوأمة صدفة، بل كانت نتاج جهود حثيثة عبر «الروتاري»، حيث زار رئيس بلدية عاليه مدينة تروي، كما زار رؤساء بلدية تروي مدينة عاليه، مما رسخ العلاقة بين المدينتين.

الشركة العائلية

اليوم، أصبحت شركة «Choice Properties» شركة عائلية ناجحة، يديرها مع زوجته وأبنائه، وتصل قيمة أصولها إلى مئات الملايين من الدولارات.

أسئلة وأجوبة: العائلة، والزجل، ومجموعات الضغط

-الفتى سرّ أبيه لكن وضعت إسم أمك على إحدى شوارع تروي؟

لأنّها كانت الأم الصالحة والوديعة كان حضورها ملائكي هذه الأمور البسيطة تعطي معنى للحياة.

-              الأم وطن بالغربة ما الذي يعوّض حبّ الأم؟

عائلتي هي حياتي هناك ولها الأولوية في حياتي وأنا محظوظ لأنّ أولادي يحبون لبنان ويتحدثون اللغة العربية.

-              يُقال ما أعزّ من الولد إلّا ولد الولد

لم أكن مؤمناً بهذا القول حتى اللحظة التي أتى بها الأحفاد، هم جزء مني، معهم أعود طفلاً، يعيدون لي كل مشاعر الصبا.

علاقتك مع مجموعة العمل الأميركية المعنية بلبنان  - (ATFL

هذه المجموعة هي جزء من حياتي من خلالها أعبر عن حبّي للبنان، عبر علاقتنا بالكونغرس لدينا القدرات كي نساعد بلدنا من الجيش، إلى الجامعات والزراعة. أما اللوبي أو مجموعات الضغط فهي ضرورة لدعم لبنان. أما عن المستقبل فأنا مؤمن وآمل أنّ لبنان سيعود دولة مستقرة.

-              بعيداً عن العمل، هل تحبّ الموسيقى أو الشعر؟

أحبّ الشعر والزجل والنجاح والعلاقات الطيبة بين الناس

في الخلاصة، إنّ قصة كمال شهيب تظلّ شهادة حيّة على أنّ النجاح الحقيقي يكمن في بناء الجسور بين الثقافات، وفي تحويل الحلم الفردي إلى رسالة عطاء تخدم مجتمعات بأكملها على ضفتي العالم.