إضاءة صخرة الروشة… شوكة الدولة انكسرت وحزب الله يفرض مشهده
إضاءة صخرة الروشة… شوكة الدولة انكسرت وحزب الله يفرض مشهده
أقدم حزب الله اليوم على خطوة رمزية لافتة تمثّلت بإضاءة صخرة الروشة الشهيرة في بيروت بصور الأمين العام السيد حسن نصرالله ورئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين.
هذه الخطوة جاءت رغم رفض الحكومة اللبنانية منح الإذن الرسمي بإضاءة الصخرة، ما اعتُبر تحديًا مباشرًا لقرارها. وردّ الحزب على هذا الرفض بالدعوة إلى تظاهرة شعبية ضخمة في العاصمة، وُصفت بأنها “٧ أيار” من دون سلاح، حيث امتلأت شوارع بيروت بالمناصرين وانتهى المشهد بإضاءة الصخرة رغمًا عن موقف الدولة.
هذا الحدث كشف هشاشة السلطة اللبنانية إلى حدٍّ غير مسبوق. العبارة التي ترددت بين اللبنانيّين اليوم كانت: “شوكة الدولة انكسرت”. الجيش وقوى الأمن وقفوا متفرجين ولم يتدخلوا لمنع ما اعتبره كثيرون استعراضًا صريحًا للقوة المعنوية لحزب الله، رغم أنه جرى بلا سلاح. في أي دولة أخرى، كان من المتوقع أن تؤدي مثل هذه الإهانة السياسية إلى استقالة رئيس الحكومة فورًا، لكن في لبنان، مرّ المشهد بهدوء وكأن شيئًا لم يحدث.
الأكثر خطورة أن وزراء الأحزاب، كالكتائب والقوات، التي روّجت خلال الأشهر الماضية لفكرة أنّ حزب الله انتهى وأنه سيسلّم سلاحه طوعًا، وجدوا أنفسهم اليوم أمام سقوط هذه السردية على أرض الواقع. ما جرى مساءً أظهر أن الحزب ما زال قادرًا على الحشد وفرض مشهده الرمزي في قلب العاصمة. وإذا كانت تلك الأحزاب صادقة في خطابها السابق، فإن بقائهم في الحكومة بعد هذا التطور يناقض كل ما أعلنوه لجمهورهم، ويجعل استقالتهم أقل ما يمكن القيام به انسجامًا مع مواقفهم المعلنة.
وفي موازاة هذا الضعف الرسمي، نعيش زمنًا غريبًا حيث أصبح للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، أفيخاي أدرعي، تأثير إعلامي ونفسي أوسع داخل لبنان من تأثير الحكومة نفسها. يكفي أن يتفاعل اللبنانيون مع تصريحاته أكثر مما يتابعون بيانات وزرائهم، في مشهد يختصر مأساة دولة فقدت قدرتها على حماية هيبتها وصناعة روايتها الداخلية.
ما حصل اليوم ليس مجرد إضاءة صخرة ولا مجرد تجمع شعبي، بل إشارة سياسية قوية مفادها أن الحزب لا يزال قادرًا على تحريك الشارع وفرض مشهده متى شاء، وأن السلطة الحالية عاجزة عن فرض قراراتها أو حتى الحفاظ على صورتها أمام مواطنيها. وهو مؤشر خطير على حجم الفراغ الذي يعيشه القرار الرسمي في بلد تتزايد فيه التحديات الداخلية والخارجية في وقت واحد.