ودائع الليرة تستعيد أنفاسَها.. هل تتخيّلون؟

ودائع الليرة تستعيد أنفاسَها.. هل تتخيّلون؟

  • ٢٧ أيلول ٢٠٢٥

انهيار الليرة في ثمانينيات القرن الماضي لم يجد من يفكّر بحلّ، ولو بسيط، يخفّف من وطأته على المودعين آنذاك، فتبدّدت ودائعُهم. واليوم، ما زال ركامُ الانهيار المالي الحالي يطمِس حقوقَ المودعين وسط صمتٍ مدوٍّ.

وفي هذا الواقع برز اقتراحُ قانونٍ جديد يسعى لإعادة الاعتبار لشريحة تُركت وحيدة: أصحابُ الودائع بالليرة اللبنانية.

هؤلاء الذين تآكلت مدّخراتُهم بشكلٍ مضاعف مقارنةً بالمودعين بالدولار، حتى اختفت طبقةٌ كاملة من المجتمع وتحولت إلى ضحيةٍ للأزمات والسياسات الفاشلة.

الاقتراح الذي قدّمه رئيس لجنة الاقتصاد النيابية، النائب فريد البستاني، يقوم على فكرةٍ جريئة، إذ يفتح أمام المودعين بالليرة بابَ الاستفادة من ودائعهم المجمّدة عبر استخدامها لتسديد الضرائب والرسوم، بقيمة توازي خمسة إلى ستة أضعاف قيمتَها الحالية الفعلية في المصرف. 

هذا الخيار يبقى اختياريًا؛ فإن لم يكن على المودع ضرائب ليسدّدها، يمكنه أيضًا تجييرُ الدفع إلى الغير.

وبذلك، يستعيد المودعُ جزءًا من وديعته بدل أن تبقى بلا جدوى، فيما تضمن الدولةُ إيراداتٍ ضريبيةً أكبر، ضمن سقف سنوي محدّد ولمدة ثلاث سنوات.

بمعنى آخر، تعترف الدولة بأن هذه الأموال ليست أرقامًا وهمية، بل حقوق حقيقية يمكن أن تدخلَ في دورةٍ اقتصادية جديدة.
تكمن أهميةُ هذه الآلية في بُعدين متوازيين:
الأول: إنصافُ المودع عبر منحه منفذًا للاستفادة من وديعته بدل أن تبقى محتجزةً بلا قيمة.
والثاني: تخفيفُ عبء الدين العام من خلال تخصيص الأموال المحصّلة مباشرةً لسداد الدين الداخلي.
كما أنّ الضوابط الرقابية المرافقة – من ديوان المحاسبة إلى وزارة المالية – تضع ضماناتٍ للشفافية وتمنع أي محاولة للاستغلال أو الالتفاف.
اللافت أنّ اقتراح النائب فريد البستاني لا يُطرح كشعار أو كمسكّن مؤقت، بل كآلية عملية قابلة للتنفيذ خلال ثلاث سنوات، تمنح الدولة إيرادات وتمنح المجتمع بارقةَ أمل بأن حقوقه لم تُنسَ بالكامل.