ساحة الشهداء .. البابا يجمع طوائف لبنان حول شجرة الزيتون"
ساحة الشهداء .. البابا يجمع طوائف لبنان حول شجرة الزيتون"
لقاء البابا لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء يكرّس تنوّع لبنان كإرث حيّ بين الأديان، ودعوة لوحدة مستدامة جامعة
في حديث مع الدكتورة نايلة طبارة، رئيسة مؤسسة «أديان» التي تعمل منذ سنوات على ترسيخ برامج التربية على المواطنة الحاضنة للتنوّع الديني في المدارس والجامعات اللبنانية وعبر شرائح إجتماعية وثقافية على مساحة لبنان. لقد اعتبرت أنّ إختيار البابا لاوون الرابع عشر لبنان في أوّل زيارة رسولية خارج إيطاليا، بالتزامن مع زيارته إلى تركيا، يحمل دلالات بالغة الأهمية. فهذا القرار يأتي في لحظة دقيقة، بعد ما شهده لبنان خلال السنوات الخمس الأخيرة، خصوصاً منذ عام 2023 من معاناة عميقة على مختلف المستويات. وترى طبارة أنّ الزيارة تشكّل رسالة واضحة من الكرسي الرسولي بأنّه ليس غافلاً عن آلام اللبنانيين وصعوباتهم، بكل أطيافهم مسلمين ومسيحيين.
وإذا كانت زيارة تركيا تتركّز على البعد المسكوني بين الطوائف المسيحية، فإنّ الزيارة إلى لبنان تأتي لتؤكّد قيمة العيش المشترك، وإعادة التشديد على رسالة الحرية والتعدّدية التي تميّز لبنان بتنوّع مكوّناته، ولا سيما المسلمين والمسيحيين.
وترى طبارة أنّ اللقاء المنتظر للبابا مع ممثّلي الطوائف في ساحة الشهداء، والذي سيُختتم بزرع شجرة زيتون، يحمل بُعداً رمزياً عميقاً. فهو بمثابة إعتراف وتكريم للتجربة الحوارية التي راكمها لبنان عبر عقود، وتجسيد حيّ للعيش المشترك مع جميع ممثلي الطوائف. كما أنّه يشكّل دعوة صريحة للاستمرار في هذه الرسالة التي يحملها اللبنانيون، ليبقى بلدهم نموذجاً للشرق والغرب في آنٍ معاً.
وتضيف أنّ أهمية اللقاء لا تقف عند رمزيته فحسب، بل تتجلّى أيضاً في تذكير اللبنانيين بإرثهم الإنساني الفريد؛ إرث التنوّع والخبرة التاريخية في التفاعل البنّاء معه. وتحية لمؤسسات وأفراد يعملون يومياً على صيانة هذا التنوّع وتفعيله، وتعزيز الحوار بين الطوائف والأديان، وعلى بناء تضامن يتجاوز الإنتماءات الضيّقة. كما تبرز أهمية تثمين مظاهر التضامن اللبناني خلال الأزمات والتهجير، ولا سيما خلال الحرب الأخيرة التي طالت شريحة واسعة من اللبنانيين.
وتختم طبارة بأنّ هذا اللقاء الرمزي هو دعوة لإحياء الثقة بأنفسنا وببعضنا البعض. فالزيارة البابوية تأتي كبلسم لجراح اللبنانيين، وكأنّ البابا يقول لنا: نحن نراكم؛ ولبنان حاضر في عمق إهتماماتنا على الساحة الدولية. لستم وحدكم، فهناك من يقف إلى جانبكم، ويسعى معكم من أجل السلام والعدالة.

