الذكرى الـ16 على استشهاد وسام عيد تتزامن مع ضربات لشعبة المعلومات من أهل البيت

الذكرى الـ16 على استشهاد وسام عيد تتزامن مع ضربات لشعبة المعلومات من أهل البيت

  • ٢٥ كانون الثاني ٢٠٢٤
  • إلياس معلوف

لم يكن مسار التحقيقات الطويل الحافل بالنجاحات والإخفاقات ليؤدي إلى أيّ خرق حقيقي في كشف النقاب عن جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري، لولا جهود الرائد وسام عيد الذي قبل 16 عاماً كان مسؤولاً عن الجانب الفني في التحقيقات المتعلقة بجريمة الإغتيال، وإستندت المحكمة الدولية إلى الكثير من الأدلة التي توصل إليها والتي سهمت في تشكيل قاعدة قوية لصدور الحكم القضائي.

هو إبن بلدة دير عمار الشمالية، إغتيل عام 2008 بعبوة ناسفة في منطقة الحازمية، وذلك بعد يومين من إبلاغ لجنة التحقيق الدولية بما لديه من معلومات وتحليلات هاتفية عن الشبكة التي إغتالت الرئيس الحريري. فما إكتشفه الشهيد عيد، كان الدليل الصلب والأساسي، لإدانة المتهمين المباشرين، وتبرئة الآخرين، ممن نفدوا من لائحة شبكة الهواتف  المشبوهة المرمزة بألوان مختلفة وفقاً لمهمة حاملها والتي إعتُمدت لتوجيه المهمات اللوجستية لتنفيذ الإغتيال. 

الشهيد عيد إستطاع الوصول الى التسجيلات وشبكة الهواتف المشبوهة، وتفكيك رموز الألوان  والأرقام  التي إعتمدت وصولاً إلى رقم  هاتف من نفذ التفجير مباشرة، كما بحث في الأرقام الموجودة في موكب الحريري، ثم أرقام الناس الذين تواجدوا في مكان الجريمة. كانت قدرة عيد الإستقصائية قد تجلّت في وصوله الى الهواتف الحمراء، وتحديد البرج الذي كانت تتصل به هذه الهواتف في الفترة التي سبقت الإغتيال. وبدت آنذاك شركات الهواتف الحمراء مجموعة منضبطة ومرتبطة بشكل وثيق لكن بعد إغتيال الرئيس الحريري إختفت تماماً.

بالإضافة الى ذلك، إكتشف الشهيد عيد ثمانية هواتف تمّ إستخدامها لعدة أشهر، وكانت تتصل جميعها بنفس البرج الذي إستخدمته الهواتف الحمراء. وإكتشف أنّ كلّ فرد في الفريق كان  يحمل هاتفاً آخر، وأنّ أعضاء الفريق إستخدموا الهاتف الثاني للتواصل مع شبكة دعم أكبر والتي كانت موجودة لمدّة لا تقلّ عن السنة. وأطلق محقّقو الأمم المتحدة على هذه المجموعة إسم «الشبكة الزرقاء». ومع ذلك بقيت هذه الشبكة مغلقة ولم يتمكن أحد من الوصول الى إتصالاتهم أو التجسّس عليهم. واستمرّ عيد في متابعة التفاصيل، ومواصلة التقصّي لتحديد المزيد من الهواتف المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالفريق الذي نفّذ الاغتيال، مؤكداً أنّه وجد نواة الشبكة الثالثة، وفريق المراقبة الطويلة الأجل. 

كما نجح عيد في تحديد شبكة إضافية تُعرف بالهواتف الورديّة والتي تُستخدَم للإتصال بين الضاحية الجنوبيّة وشبكات أخرى بشكل غير مباشر. ولم يقتصر عمل عيد عند كشف المشتبه بهم في جريمة إغتيال الحريري فحسب، بل تجاوز ذلك  ليشمل الكثير من الجرائم الإرهابية التي حصلت في لبنان، وبفضل  خبرته في تحليل الاتصالات، تمكّن  من كشف العديد من الشبكات التي تتعامل  مع إسرائيل وتفكيكها، وصلت مهارته إلى درجة أنّ زملاءه في قوى الأمن الداخلي أطلقوا عليه لقب «العقل الإلكتروني لـشعبة المعلومات.»

ويبقى السؤال: اليوم وبعد 16 عاماً هل ما زالت شعبة المعلومات قادرة على لعب هذا الدور الأمني في لبنان لاسيما بعد الضربات الأخيرة التي وُجهت لها من قبل من يفترض أنّه أقرب الناس؟