الأبراج البريطانية عند الحدود.. بين خطر إسرائيلي ونوايا سورية

الأبراج البريطانية عند الحدود.. بين خطر إسرائيلي ونوايا سورية

  • ٢٧ شباط ٢٠٢٤
  • كاسندرا حمادة

تعرّف اللبنانيون مؤخّراً على قضية جديدة متعلّقة بالحدود، وهي «الأبراج البريطانية».

تعود هذه الأبراج  إلى 13 عاماً، بحيث من المستغرب أن تفتح سوريا الملف في هذا التوقيت تحديداً. فعلى خلفية مذكرة الإحتجاج التي وجهتها الخارجية السورية إلى نظيرتها اللبنانية، يبرز عنوان «الأبراج البريطانية»على الحدود بين لبنان وسوريا من جديد. 
وعند ذكر عبارة الحدود اللبنانية-السورية، يرتبط المشهد مباشرة، بعمليّات التهريب الجارية على الحدود. فهذه الظاهرة، بمعزلٍ عن تاريخها الذي يعود إلى ما قبل تأزّم الوضع السّوري وتحولّه من الطور السّلمي ما حتى عام 2011 للطور المُسلّح عام 2012، نشطت ظاهرة التهريب مؤخراً وبصورةٍ غير مسبوقة وبطرق وحيل إستثنائيّة. ونُشرت تقاريرعديدة تتحدّث عن حركة دخول عشرات الأفراد بصفة اللاجئين بشكل شبه يوميّ، عبر المعابر البريّة غير النظاميّة الممتدة على مقلبي الحدود اللبنانيّة - السّورية. 
وتلعب الأبراج البريطانية في هذا الإطار، دوراً مهمّاً. 

ما هي هذه الأبراج  البريطانية؟ 
يبلغ إرتفاع أبراج المراقبة 30 قدماً، إستخدمت في إيرلندا ولاحقاً في العراق وأفغانستان. 
وبنتها المملكة المتّحدة عام 2012، وتمتدّ من مصب النهر الكبير في الشمال إلى ما بعد منطقة راشيا في البقاع على حدود البلدين، في حين تضيع معالم الحدود بين لبنان وسوريا في أكثر من منطقة على طول أطراف السلسلة الشرقية من الهرمل مروراً بالقاع ورأس بعلبك وعرسال، وصولاً إلى معربون المتاخمة لبلدة سرغايا السورية. 
كان الهدف الأوّل من هذه الأبراج، المراقبة الأمنية، مراقبة عمليات التهريب الحاصلة من سلاح أو ممنوعات.وقد تعزّزت فكرة مراقبة الحدود السورية واللبنانية بعد حرب 2006، والقرار 1701. 
وبعد إندلاع الثورة السورية، أعيد إحياء مشروع إقامة الأبراج  أواخر عام 2011، برغبة من المجتمع الدولي في مساعدة لبنان على عدم الإنزلاق إلى الفوضى التي تعصف بجيرانه، بعد حالة الفوضى المستشرية في سوريا والعراق. وأعلنت بريطانيا عن تقديم مساعدات للجيش لإستكمال إقامة أبراج مراقبة عند الحدود بهدف ضبط المعابر غير الشرعية ومراقبة حركة دخول السوريين الى الأراضي اللبنانية، في ظلّ المخاوف حينها من تطوّرات أمنية منتظرة، نتيجة تفاقم الوضع السوري.
إقتصر الدور البريطاني على الدعم اللوجستي وليس هناك أي وجود بريطاني فيها، وتعود السيطرة الكاملة على هذه الأبراج للجيش اللبناني. في هذا السياق، يؤكّد العميد المتقاعد ناجي ملاعب، في حديث ل«بيروت تايم»، أنّه بعد أحداث سوريا، وتفاقم ظاهرة النزوح إلى لبنان نتيجة الحرب، من خلال المعابر غير الشرعية، تعاون اللبنانيون عبر هبة ألمانية لإنشاء فوج الحدود البرّي الأول من شمالي لبنان، وأنشأوا الفوج الثاني، كذلك جرى تدريب مشترك لحماية الحدود البريّة. قدّم حينها البريطانيون مراصد لرصد أي محاولات تسلّل، وبين كل مرصد وآخر تمتدّ  مسافة الرؤية من العين المجرّدة إلى تغطية المنطقة كاملة. 

بعد ضرب القصير.. سوريا تستفيق 
من جهة أخرى، يلفت ملاعب إلى أنّ البريطانيين يحتفظون بخبراء لتشغيل هذه المراصد في لبنان، فيما كان ينبغي الإكتفاء بوجود خبراء لبنانيين في المراصد.  
وعندما ضربت مؤخّراً شاحنتين في منطقة القصير، وهي تقع على مسافة قريبة من هذه المراصد، برز التساؤل حيال ما إذا كانت هذه المراصد  ترسل المعلومات الى الخارج  عبر الخبراء الأجانب . ويرى ملاعب أنّ إستفاقة الحكومة السورية في هذا الوقت، تأتي نتيجة الخوف من إستغلال الخارج هذه المراصد لمساعدة إسرائيل. وأشار الى  ضرورة البحث بين الدولتين السورية واللبنانية للإتفاق على معايير العمل في هذه الأبراج بما يناسب لبنان وأمنه.

والسؤال الذي يطرح نفسه، من المسؤول عن مواجهة التداعيات الأمنية التي من الممكن أن تؤدّي إليها هذه الأبراج؟ 
يعتبر ملاعب، أنّه من المؤسف ألّا يتحمّل أحد المسؤولية والحساب، ويشير إلى أنّ هناك لجنة درست الموضوع آنذاك، حيث كان ينبغي أن تضع شروطاً أخرى على الهبة. 
أمّا من الجهة السورية، فكانت منغمسة بإضطراباتها الداخلية. 
مع العلم، أنّ العديد من اللبنانيين لا يعرفون اليوم دور الأبراج البريطانية. ولعلّ الحرب على الحدود الجنوبية، تحتلّ الواجهة العسكرية الأولى ، الّا أنّ النوايا السورية حيال هذه الأبراج، قد تشكّل التهديد الأكبر للحدود اللبنانية السورية، بالإستناد إلى  أنّ إعتراض دمشق عليها الآن لا يخدم المصلحة اللبنانية في ظلّ تفشي ظاهرة التهريب إلى لبنان المتزايدة يوماً بعد آخر.