بعد سنة على محاولة الإطاحة به.. طارق البيطار لأوّل مرّة في العدلية

بعد سنة على محاولة الإطاحة به.. طارق البيطار لأوّل مرّة في العدلية

  • ٠٦ آذار ٢٠٢٤
  • خاص بيروت تايم

الساعات المقبلة ستكون كفيلة بتوضيح المسار الذي سيعتمده المدّعي العام التمييزي الحالي، القاضي جمال الحجار بما يتعلّق بقضية تفجير المرفأ في الرابع من آب عام 2020.

فاللقاء الذي سيجمع الحجار بالمحقّق العدلي في قضية المرفأ، طارق البيطار، سيرسم ويوضّح خارطة الطريق القانونية التي ستطبق خلال المرحلة المقبلة. 
وإن كانت هذه الزيارة يعتبرها بعض القضاة أنّها «زيارة طبيعية» لا تخرج عن المألوف، تهدف إلى تهنئة الحجار بمنصبه الجديد فقط، إلّا أّنّ مصادر أخرى ترى أنّها بالغة الأهمية،  وستحمل في طياتها الكثير من المفاجآت إذ من الممكن أن يعاد ملف المرفأ إلى الواجهة، أو أن يدخل الملف في أزمات جديدة وتشتعل الخلافات القضائية مرة أخرى. 
أكدت معلومات ل «بيروت تايم» أنّ القاضي البيطار سيلتقي بالحجار خلال هذا الأسبوع، وأنّ الزيارة لن تكون عادية بل سيتمّ التطرّق إلى قضية المرفأ، وإلى التعقيدات في هذا الملف. أي أنّ الحجار سيتشاور مع البيطار حول إمكانية إيجاد حلول قانونية لمعالجة هذا الملف. 
كما أنّ أهمية هذه الزيارة هي أنّها الزيارة الأولى للبيطار داخل النيابة العامة التمييزية بعد أكثر من عامين، بسبب الخلافات القضائية بين المدّعي العام التمييزي السابق، غسان عويدات الذي طوّق البيطار من جميع الجهات لمنعه من الإستمرار في تحقيقاته وتمّ ردعه عن الملف، حتى أصبح القاضي الوحيد الذي تجرأ على السلطة السياسية وقرّر مواجهتها، فبات وحيداً وسط هذه المعركة القضائية. 
إنّ النزاعات القضائية التي لم تنتهِ حتى اليوم، وقد بدأت منذ أن قرّر البيطار الإعلان عن إجتهاد قانوني سمح له بالعودة إلى تحقيقاته متجاهلاً دعاوى الرّد والمخاصمة، بذريعة أنّ للمحقق العدلي صلاحيات واسعة وإنّ القضية هي من أخطر القضايا وأهمها لكونها قضية وطنية بإمتياز. خطوات البيطار أزعجت قضاة النيابة العامة التمييزية، فقاد عويدات وبعض قضاة النيابة العامة التمييزية حملة واسعة للقضاء على ملف المرفأ وإبعاده عن «سكة» البيطار، وعلى ما يبدو أنّ عويدات قرر آنذاك «تقمّص» دور المحقّق العدلي، فأطلق سراح جميع الموقوفين، متعدّياً على صلاحيات المحقّق العدلي المسؤول عن قرار من هذا النوع، وإدّعى عليه بجرم إغتصاب السلطة، وعرقل مسار العدالة. وبعد وصول الإدعاء المذكور إلى يدّ القاضي حبيب رزق الله، الرئيس الأول لمحاكم الإسئتناف في بيروت، إحتفظ بالملف لأشهر عديدة إلى حين قرّر منذ أسابيع الطلب  من عويدات تعديل وتصحيح بعض المواد القانونية التي إستند إليها في إدعائه على البيطار. ما أثار ريبة أهالي ضحايا المرفأ، الذين إعتبروا بأنّ خطوة رزق الله «مشبوهة» فلماذا لم يطلب ذلك لحظة وصول الملف إلى يده؟ ولماذا إنتظر لأشهر عديدة؟ 
واليوم، تتوسّع وتتنوّع السيناريوهات المتوقعة حول هذه الزيارة ونتائجها على ملف المرفأ. 
السيناريو الأول: أن تكون خطوة الحجار بدعوة البيطار إلى هذا اللقاء هي خطوة عادية جداً وهدفها أن يثبت ويبرهن لأهالي ضحايا المرفأ أنّه لم ينسَ هذه القضية وسيحاول جاهداً أن يحركها ويعالجها. ومن بعدها، لن يحرّك ساكناً في هذه القضية، وبذلك يرضي جميع الأطراف (أهالي ضحايا المرفأ والسلطة السياسية) ثمّ يقف في الجهة المحايدة ، وبالتالي، عند مساءلة الحجار عن الإستمرار في توقّف التحقيقات، سيؤكّد أنّه قام بواجبه وإلتقى بالبيطار في إجتماع خاص وتحاورا حول هذه القضية إنّما المشاكل القانونية المحيطة بالملف لا تتعلّق بصلاحياته بل تحتاج إلى معالجة دعاوى الرّد والمخاصمة وغيرها. 
السيناريو الثاني: أن يجتمع الحجار بالبيطار ويقرّر وضع «ثقله» في هذه القضية مستعيناً بصلاحياته الواسعة، ويقوم بإلغاء التعاميم السابقة التي إتخذها القاضي عويدات بحقّ البيطار وملف المرفأ، وعلى رأسها التعميم الإداري الذي مَنَع فيه النيابة العامة التمييزية من إستلام الملفات والمستندات والتقارير والأوراق من البيطار، وحينها، يمكن للبيطار أن يعاود تعاونه مع النيابة العامة التمييزية، وهذه خطوة إيجابية قد تؤثر في مسار القضية وهي تعني أنّ القضية ستعالج خطوة خطوة. كما يمكنه أن يصدر تعاميم جديدة بهذا الخصوص. 
السيناريو الثالث: أن تنتهي الزيارة من دون أي إتفاق بين البيطار والحجار، ما قد يساهم في تأجيج الخلافات القضائية بينهما، خصوصاً، إنْ أصرّ البيطار على العودة إلى الملف، وذلك قد يحصل إن طلب الحجار بصفته مدعٍ عامٍ تمييزي بعض الأمور من المحقّق العدلي ، ورفض الأخير تنفيذ أو التقيّد بهذه المطالب. 
إنّ هذه السيناريوهات هي من ضمن الإحتمالات لنتائج هذه الزيارة القضائية، فاليوم يتأمّل الأهالي بالحجار الذي بإمكانه أن يحرّك القضية قليلاً، أو على الأقل أن يؤكّد للأهالي أنّه لن يكون شبيهاً لعويدات، ولكنهم يتخوفون أيضاً من أن يتحوّل هذا الأمل إلى مرحلة جديدة من النزاعات القضائية بين المحقّق العدلي والنيابة العامة التمييزية. 
ولم يمضِ على إستلام الحجار هذا المنصب حتى بدأت تفوح رائحة خلافاته إلى العلن مع النائب العامة الاستئنافية في جبل لبنان، القاضية غادة عون، التي وجّه إليها ضربة قوية عام 2023، حين أصدر التفتيش القضائي برئاسة الحجار قراراً بطردها من السلك القضائي. فبعد إصداره عدد من التعاميم الجديدة يوم أمس، في الخامس من آذار الجاري، حول التقيّد بمدة بلاغ البحث والتحرّي وفقاً للمادة 24 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، طالباً التقيد بالمادة وعدم تمديد مدتها بما لا يتجاوز أحكام هذه المادة وعدم إصدار بلاغات بحث وتحرّي مفتوحة المدة لغياب السند القانوني. وأيضاً فرض على النيابة العامة الإستئنافية في بيروت أن ترسل التعاميم الصادرة عنها عبر النيابة العامة التمييزية على أن يصار إلى تعميمها على المراجع المختصّة بواسطتها،  وذلك منعاً لحصول أي تعارض بين أي تعاميم صادرة عن أي نيابة عامة وبين التعاميم الصادرة عن النيابة العامة التمييزية. وهو ما أثار سخط القاضية عون التي علقت أنّ «النائب العام ليس موظفاً لدى مدّعي عام التمييز»، معتبرةً أنّه لا يمكن لأي أحد أن يجتهد في نصّ المواد القانونية، وإضافة شروط على نصٍّ قانوني واضح، لم ينّصّ المشترع عليه صراحة. ولم تشترط المادة 23 من أصول المحاكمات الجزائية «أن يعود للنيابة العامة الإستئنافية إصدار بلاغات البحث والتحرّي ولم يشترط مطلقاً المرور بالنيابة العامة التمييزية». 
وأيضاً، لعب الحجار دوراً أساسياً أيضاً عام 2021، حين قرّرت محكمة التمييز الجزائية التي كان يترأسها، كف يدّ القاضي فادي صوان عن ملف التحقيق، وعزله عن هذه القضية، وأمر بتعيين قاضٍ آخر لهذه المهمة، بعد أن قبلت محكمة التمييز الجزائية طلب الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر بتنحية صوان عن الملف بسبب الإرتياب المشروع. وتسلّم بعدها المحقّق العدلي، القاضي طارق البيطار. 
في كلّ الأحوال، أمام الحجار إختبار حساس حول أسلوب تعاطيه مع قضية المرفأ، وستثبت خطواته في الأيام المقبلة إن كان سيكون عرّاب هذه القضية وسيعيدها إلى الحياة، أم أنّه سيكون خلفاً  لعويدات، وسيعرقل هذه القضية من جديد. أو هل سيخوض الحجار معركة أهالي ضحايا المرفأ؟