وفيق صفا «البيضة لنا… والتأشيرة»

وفيق صفا «البيضة لنا… والتأشيرة»

  • ٢١ آذار ٢٠٢٤
  • جورج طوق

نادرًا ما تغيب رشقات المعاداة والإتّهام بالتطبيع والعمالة والإنصياع للغرب، صوب حكّام الخليج، عن خطابات السيّد الممانع.

وأقلّ من ذلك ندرةً، هو غياب تعشعش حبوب الكبتاجون المقاوم في خبايا شحنات التصدير، نحو الدول تلك، من قِبل نادي التجّار اللصيق بهرم القيادة في حزب الله. وبين كبتاجون المقاومة في لبنان ومقاومة الكبتاجون في الخليج ، حُرم الصالح والطالح، بين اللبنانيّين، من تصدير مقدارَ قشّةٍ إلى السوق السخيّة هناك. بعد أن أغرقوا الواحة اللبنانيّة بالقحل والفقر، أوصد الممانعون، بمعاداتهم المجانيّة للخليج العربيّ، باب تأشيرات الدخول للعمل أو الزيارة، أو حتّى السياحة، إلى واحات الفرص فيه.

يحقّ لوفيق صفا ما لا يحقّ لديما صادق
سبق وفيق صفا، وهو مسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق في حزب الله، الإعلاميّين ديما صادق ومصطفى فحص إلى دولة الإمارات، على متن طائرةٍ خاصّة. لا يبدو الإرتباط والتنسيق مع المطبّعين مع العدوّ، حسب قاموس حزب الله، ممنوعَين من الصرف في قواعد اللغّة والبازارات السياسيّة عند الممانعة. شيءٌ من الكوميديا السوداء في تغريدتَيّ صادق وفحص عن تعثّر استحصالهما على تأشيرةٍ لزيارة دولة الإمارات، مقابل سلاسة وصولها للحاج صفا. فالأخير دخل قاعات القصور في الإمارات برشاقة دخوله قاعات قصر العدل في بيروت. يحقّ لوفيق صفا، هو الشاعر فقط بفائض القوّة، ما لا يحقّ لغيره، لا سيّما لمصطفى وديما. حالة آخرين كثر في لبنان ممّن يحلمون بمساحة عملٍ خصبةٍ أقرب، بقليل، من المهجر البعيد.

«ذئبُ لافونتين وخروفه»
يطرح حزب الله سرديّاته، بتعجرفٍ موصوفٍ، من موقع المحقّ القادر والعارف الواثق والمعصوم عن كلّ خطأ. وللمتعجرف، دون استثناء، هوايةٌ مفضّلة : إزدواجيّة المعايير. منذ إنقضاء حرب تموز في العام ٢٠٠٦، يقول الحزب لكلّ اللينانيّين: القوّة لي والسلم والحرب لي والحقّ والحكم والأمر لي. يجزم أيضًا بلا جدال: طاعتنا للحرس الثوريّ وطنيّةٌ وعلاقاتكم مشبوهة. نحن أبناء قضيّةٍ وأنتم أيتامُ سفارات. مالنا حلالٌ ونظيفٌ ومالكم ملطّخٌ بالتطبيع والإرتهان. قضاة المحكمة الدوليّة حاقدون والقاضي بيطار منحازٌ ومتآمر. القتلة منّا قدّيسون والمتظاهرون منكم كفرة. ٧ أيّار يومٌ مجيد و١٧ تشرين مؤامرةٌ كونيّة. لم يعد الحزب يتكبّد عناء تغليف العجرفة ومنطق القوّة. منطقٌ يريده، على الدوام، مرعيَّ الإجراء. فهو بات يصدح، بإصبعٍ وصوتٍ مرفوعَين: أنا ذئب لافونتين وأنتم خرافه. فإيّاكم أن تُعكّروا مائي.

تأشيرةٌ سياسيّةٌ غير سياحيّة
في منطق التاريخ، العجرفة السياسيّة هي مقتلةُ حامليها ونبوءةُ سقوطهم الحتميّ. وللتاريخ منطقُه الذي لا يُطَوّع. استساغ الحزب صَرف مناصرة فلسطين ومقاومة العدوّ في لعبة الشطرنج الدوليّة لصالح إيران. امتهن أيضًا صرفها في سوق النفوذ والسلطة في لبنان. نصّب نفسه مرشدًا حاميًا لكلّ مُركّبات منظومة الحكم، لم يعد يرى في الدولة سوى دجاجةً تبيض ذهبًا للنهب والصفقات والتسويات. نهب بين من نهبوا في الإدارات وفي صفقات «بونزي» بين السلطة والمصارف، أهدى، على مرأى العالم، غاز لبنان ومساحةً من بحره إلى العدوّ في تسوية خبيثة أقرب إلى الخرافة. حرم الحزب، بسلوكيّاته، آلاف اللبنانيين، لا سيّما الشيعة منهم، من فرصة تأشيرةٍ سياحيّة إلى دول الخليج، ثمّ طار موفد سيّده إليها، بتأشيرةٍ سياسيّة، عند أولى بوادرَ صفقةٍ في البازار الدمويّ الذي يقوده محوره منذ عقود. فهو، باختصار، أكل البيضة والتأشيرة من أمام اللبنانيّين.