المجتمع الدولي يُدرك من أين تؤكل الكتف اللّبنانية

المجتمع الدولي يُدرك من أين تؤكل الكتف اللّبنانية

  • ١٦ نيسان ٢٠٢٤
  • عبدالله ملاعب

يدرك المجتمع الدولي من أين تؤكل الكتف اللّبنانية

منذ مقتل منسّق حزب القوات اللبنانية في قضاء جبيل باسكال سلميان الأسبوع الماضي، على يدّ عصابة مشتركة من لبنانيين وسوريين، بحسب ما أظهرت التحقيقات حتى الساعة، وتشهد الساحة اللبنانية بكل أطيافها وتفرّعاتها موجة واحدة موحدة تسعى لمعالجة ملف النازحين السوريين، أو بالأحرى ترحيل أكبر قدر ممكن منهم. 
حكومياً، تقاذف للتّهم بين رئاسة الحكومة وبعض الوزارات واتهامات متبادلة. فيما، تبدّلت مواقف مسؤولين في «اللقاء التشاوري» الذي عقده ميقاتي أمس الاثنين، والذي تمحور تحديداً حول ملف النازحين، بعد وضع سلسلة نقاط لتفعيل «ترحيل بعضهم». وكانت رئاسة الحكومة قد تحدّثت عن الخطّة الجديدة المرتقب إعلانها في نهاية نيسان. 
وفي السياق، كان لافتاً تبدّل موقف «القوات اللبنانية» من الملف. حيث كان للنائب ستريدا جعجع خطاب مختلف عن الذي اعتدنا سماعه من القوات اللبنانية، خلال اللقاء الذي جمع وفدا من القوات مع وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي. 
النائب جعجع، طالبت بالترحيل إلى مناطق آمنة. لم تتحدّث عن العائدين وأمنهم، وحمايتهم من براثن النظام السوري. وأسقطت مصطلح العودة الآمنة. حتى أنَّ القوات اللبنانية، بدّلت السرديّة تجاه سوريا ككل في الأسبوع الماضي. فعلى سبيل المثال لا الحصر، استدرك النائب السابق أنطوان زهرا موقف القوات والمُستجَد منه، خلال لقاء تلفزيوني مساء أمس، فصحّح مصطلح «النظام السوري» مُبدّلا اياه بمصطلح «الدولة السوريّة».
الكيل قد طفح،في قاموس القوات اللبنانية، حتى أنَّ النائب جعجع غيَّرت خطابها تجاه المجتمع الدولي، وكأنّها تقمّصت خصمها السياسي الأبرز جبران باسيل. جعجع طالبت المعترضين من المجتمع الدولي سحب النازحين إليهم. علماً أنَّ الرأي العام لم يفهم على «القوات اللبنانية» مبادرتها، والمراسيم التي تحدّثت عنها ستريدا جعجع، على أمل أن يكون المولوي قد فهم ذلك. 
 
لماذا مؤشرات المعالجة غائبة؟
معالجة ملف النازحين السوريين، تحتاج إلى جرأة سياسية على المستوى الدولي. جرأة في التعامل مع «الدول المانحة»، عادة، وجرأة بالتعامل مع المنظمات الدولية والأممية. وهذا مفقود. يدرك المجتمع الدولي، وإن كان يعتبر لبنان بلد عبور، لا لجوء، من أين تؤكل الكتف اللبنانية. هذا المجتمع اليوم بهيئاته ودوله المانحة ومنظماته، يحمي الدولة، بمختلف الملفات، وأهمها التربية والصحة على سبيل المثال. هذا المجتمع الدولي ضخّ ملايين الدولارات في لبنان، وفي السياسة كما يُقال: «لا مُبرّر لانخداع السياسيين في السياسة». 
وعلى خطّ أخر، وبينما الرأي العام، ينتظر خطّة محكّمة وواضحة بملف النازحين، انتشرت القرارات الذاتية للبلديات وعناصرها كالنار في الهشيم. ليصل الحال حدّ وقوع اشتباكات وخلافات لبنانية –لبنانية بين عناصر مسلحين محليّين وسكان اقتُحمت منازلهم بحثاُ عن «السوري». وحادثة «القرنة الحمرا» التي كشفت تفاصيلها «بيروت تايم» ليست يتيمةً أبداً تكررت ومازالت حوادث كثيرة من هذا النوع وفي مختلف المناطق. 
عليه، لا تستطيع السلطات المحلية، التي جُدّد لها مرتين، ويمثل أمامها تمديد جديد، أن تُنظّم ملف بحجم ملف النازحين، فلا موارد مالية أولاً، ولا انتظام حكومي، بل استسهال لاستخدام العنف والقوة بكثير من الأحيان، مما سيولّد مزيداً من الجرائم والاضطرابات بين اللبنانيين أنفسهم وبيننا وبين السوريين. 
في المحصّلة يحتاج لبنان إلى قراءة واضحة لهذا الملف، الذي اعتكفت عنه السلطات لسنوات. ويُحكى عن تعاون في هذا الإطار بين قبرص ولبنان لتقديم خطاب موحد للدول الأوروبية، إلا أنّ ذلك لم ينضج بعد. 
وفي هذا الوقت، يحتاج لبنان إلى التعاون مع المجتمع الدولي لا إلى مواجهة غير متكافئة لجهة القوّة والمقدرة. فأي منطق هذا لدولة: تمدّ يدها اليمنى للشحادة من جهة، وترفع يدها اليسرى مُحذّرة من جهة أخرى؟