السرطان يرتفع بنسبة 30%.. مولّدات «الديزل» تخنق بيروت!

السرطان يرتفع بنسبة 30%.. مولّدات «الديزل» تخنق بيروت!

  • ٢٥ نيسان ٢٠٢٤
  • إلياس معلوف

لم تعُد بلاد الأرز «سويسرا الشرق» ولا العاصمة بيروت «مستشفى العرب»، بعدما أصبحت ملوّثة يقترن العيش فيها بخطر الموت.

فالإعتماد المفرط على مولدات الديزل في بيروت خلال السنوات الخمس الماضية أدّى إلى مضاعفة خطر الإصابة بالسرطان بشكل مباشر، بحسب الجامعة الأميركية في بيروت. وحالياً، يقدر أطباء الأورام في بيروت أنّ معدلات الإصابة بالسرطان العامة قد ارتفعت بنسبة 30% سنوياً منذ عام 2020، وفق صحيفة «الغارديان».

وسط هذه الأجواء، كشفت الصحيفة البريطانية النقاب عن أنّ الإقتصاد ونظام الكهرباء في لبنان معطّلان، ويتمّ الآن توليد الكثير من الطاقة محليّاً، مع آثار مدمّرة على جودة الهواء والصحّة، لافتةً إلى أنّ الضباب الدخاني يخيّم على بيروت معظم الأيام، وهو عبارة عن سحابة بنّية اللون تُظلم أفق المدينة المليء بالمآذن والأبراج الخرسانية.

هذا ويعمل نحو 8000 مولّد ديزل على تشغيل المدن اللبنانية منذ الإنهيار الإقتصادي في عام 2019، ويمكن سماع المولّدات وشمّها ورؤيتها في الشوارع، ولكن أسوأ تأثير لها هو الهواء الذي يضطر سكان المدينة إلى تنفّسه، بحسب صحيفة «الغارديان».  

وفي منطقة المقاصد، وهي واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في بيروت، بلغت مستويات التلوّث الناجم عن الجسيمات الدقيقة أقل من 2.5 ميكرومتر المكعب أي يتخطى 4 أضعاف المستوى الذي حدّدته  منظمة الصحة العالمية، وأفادت أنّ الأشخاص الذين يتعرضون له لأكثر من 3 - 4 أيام في السنة قد يسبّب لهم أمراضاً مستعصية.


إلى ذلك، أفادت منظمة «هيومن رايتس ووتش» بأنّ الإفتقار إلى إمدادات الطاقة الموثوق فيها هو إنتهاك لحقّ الناس في الحصول على الكهرباء، مشيرة إلى استمرار الحكومة اللبنانية في تبني سياسات ترسخ الإعتماد على النفط  في الوقت الذي تحاول فيه الدول في جميع أنحاء العالم التحوّل إلى الطاقة المتجددة.

وعلى صعيد متصل، أعلنت الحركة البيئية اللبنانية أنّها تتابع عبر المرصد البيئي ملف تلوّث الهواء في بيروت، بعد ورود شكاوى عدة إليها عن تدهور جودة الهواء في العاصمة، بسبب أزمة المولدات الكهربائية التي تجاوز عددها 9 آلاف مولد يعمل على الديزل في بيروت الإدارية وحدها وبحدود 30 ألف مولد في لبنان، في ظل غياب خطة واضحة من الدولة اللبنانية لأية استراتيجية على المدى الطويل لحل أزمة قطاع الطاقة في لبنان.
 
وطالبت الحركة البيئية السلطات والإدارات الرسمية والمحلية كافة القيام بواجباتها والإلتزام بالتعميم الصادر عن وزير البيئة الدكتور ناصر ياسين الذي يحدّد مواصفات جديدة ملزمة حول كيفية تشغيل واستثمار المولدات الكهربائية، بهدف الحدّ من الملوثات الناتجة عنها والتي تنتشر في الأحياء بطريقة عشوائية وفي ظل التقنين الكبير في التغذية الكهربائية الذي تشهده المناطق اللبنانية.

توازياً، وبحسب دراسة أُخرى أعدتها الجامعة الأميركية في بيروت، فقد تبين أنّ عينات فحص الهواء في 3 مناطق في بيروت أظهرت أن المعدلات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية قد تمّ تجاوزها إلى حد كبير. وثمّة مصادر ثلاثة أساسية لتلوّث الهواء: قطاع الطاقة (معامل الكهرباء والمولدات الكهربائية الخاصة) ووسائل النقل، وحرق النفايات والمكبات العشوائية. في لبنان، تتوافر كل العوامل المسهّلة لهذا التلوّث: في قطاع الطاقة، تسهم انبعاثات المعامل والمولدات الكهربائية في تسميم الهواء، ويعتمد قطاع النقل كلياً على مادتي البنزين والمازوت المتّفق أنّهما مادتان ملوّثتان للهواء، فيما الحرق العشوائي للنفايات هو المشهد الكارثي الأكثر شيوعاً. والعوامل الثلاثة هذه أصبحت أسوأ بعد الأزمة المالية، لناحية الفيول الذي يستخدم في المعامل والمولدات الخاصة والنقل، ولناحية عجز البلديات عن متابعة ملفّ النفايات، ما أدى إلى انتشار المكبات العشوائية كالفطر في النطاقات البلدية، ويصل عددها اليوم إلى أكثر من 1500 مكب. 

وتقول منظمة الصحة العالمية إنّه منذ عام 2017، تضاعف مستوى الملوثات المسببة للسرطان المنبعثة في الغلاف الجوي في بيروت. وفي العام نفسه، استورد لبنان ما قيمته نحو 900 مليون دولار من الديزل للمولدات.