البرامج والآليات لتحقيق حلم المنافسة في الأولمبياد

البرامج والآليات لتحقيق حلم المنافسة في الأولمبياد

  • ١١ آب ٢٠٢٤
  • محمد فوّاز

يطمح الرياضيون والرياضيات إلى المشاركة وتحقيق الفوز لأنفسهم ولبلدانهم التي يمثلونها في تلك المنافسات، فالألعاب الصيفية، التي بدأت عام 1896 وتُقام كل 4 سنوات في دولة مختلفة، تمثل حلماً كبيراً للعديد من الرياضيين، رجالاً ونساء.

ما من شك أن المشاركة في المناسبات الرياضية الإقليمية والقارية والعالمية كالأولمبياد مثلاً، تتطلب من اللاعبين واللاعبات استعداداً طويلاً ضمن برنامج محدد من جهاز فني على رأسه مدرب قدير ومتخصص ولفترة غير قصيرة إلى جانب اتّباع نظام غذائي صارم ومشاركات متواصلة في بطولات عالية المستوى.
وكما هي الحال مع مختلف الأنشطة الرياضية، فإن التحضير والاستعداد يتطلب برنامجاً يمتد لأربع سنوات قبل موعد الأولمبياد أو الألعاب القارية، حيث يطمح الرياضيون والرياضيات إلى المشاركة وتحقيق الفوز لأنفسهم ولبلدانهم التي يمثلونها في تلك المنافسات، فالألعاب الصيفية، التي بدأت عام 1896 وتُقام كل 4 سنوات في دولة مختلفة، تمثل حلماً كبيراً للعديد من الرياضيين، رجالاً ونساء. 
الألعاب الرياضية مختلفة وتتطلبُ مستوياتٍ منوّعة وأنواعٍ متباينة من التدريب. الكثير من الناس يُعجبون بالأبطال الأولمبيين ويتمنون أن يحققوا إنجازات مثلهم. لكن ما هي أبرز الأشياء التي يفعلها الرياضيون في حياتهم اليومية، والتي تجعل منهم أشخاصا مختلفين تماما عن بقية الناس؟

النظام الغذائي
عندما يصبح الرياضي أولمبياً أو محترفاً، تتغير احتياجاته من السعرات الحرارية بشكل كبير بسبب زيادة مستويات النشاط.
ويأخذ خبراء التغذية بعين الاعتبار المغذيات الكبيرة بالنسبة للرياضيين، وهي الكربوهيدرات والدهون والبروتينات. تعطي الكربوهيدرات النشاط وتساعد على تحسين الوظائف البيولوجية الأساسية. وتوفر الدهون الأحماض الدهنية الأساسية وتساعد على امتصاص العديد من الفيتامينات والمعادن، بينما تساعد البروتينات على التعافي الشامل وبناء العضلات.
ويستهلك معظم الرياضيين في المستويات العالية ما بين 55 و60% من السعرات الحرارية اليومية من الكربوهيدرات، وما بين 20 و30% من الدهون، وما بين 15 و25% من البروتينات.
ويتدرب الرياضيون لأعوام للتنافس في الألعاب الأولمبية التي تقام مرة واحدة كل 4 سنوات. أثناء الألعاب، من الشائع الإصابة بآلام في الجهاز الهضمي بدرجات متفاوتة، ويمكن أن تؤدي نوبة الإسهال إلى عرقلة مسار التدريب العادي عن طريق التسبب في الجفاف أو الإرهاق.
لهذا السبب، يلتزم أغلب الرياضيين خلال الألعاب بالأطعمة المألوفة لمنع أي مشكلات صحية، لكن البعض لا يستطيع مقاومة رغباته. 

إجراءات التدريب 
خطة التدريب الأولمبية هي دورةٌ مدتها 4 سنوات، ونُحدد أهداف النتائج السنوية اللازمة كل عام قبل الألعاب التي يجب أن تجعلنا نصل إلى الذروة عندما يكون ذلك ضروريًا. وتُقام التصفيات الأولمبية الرسمية قبل بضعة أشهر من الحدث، وبعد ذلك يكون لكل دولة متطلباتها القياسية لمشاركة الرياضيين لديها في المسابقات. 
تتغير مراحل ودورات التدريب على مدار العام؛ ولكن بشكلٍ عام، يتدرب الرياضيون من 6 إلى 9 ساعات يوميًا، 6 أيام في الأسبوع. وبين تلك التمارين يتناول الرياضيون الطعام المتخصص، ويخضعون لجلسات العلاج الطبيعي، وتحليل الفيديو، واستراتيجيات السباق، وبرامج علم النفس والنوم والأكل مرارا وتكرارا. هذا لا يترك الكثير من الوقت للحياة الاجتماعية أو التطوير الشخصي خارج الرياضة.
بالنسبة للشهر الأخير الذي يسبق الألعاب الأولمبية، وبمجرد الانتهاء من اختيار المشاركين؛ تقيم الكثير من الفرق معسكرًا في البلد الذي تُقام فيه الألعاب الأولمبية. ولا يُسمح للرياضيين بارتداء أو إحضار أي غرضٍ آخر غير الملابس الداخلية الخاصة بهم، فكل شيءٍ تمَ التفكير فيه وتحضيره. 
المعسكر التدريبي هو المكان الذي تتم فيه المراحل النهائية من التدريب والإعداد، بعيداً عن الأصدقاء والعائلة، ويعيش الرياضي بدوامٍ كامل مع الفريق للتركيز بنسبة 100% قبل الانتقال إلى القرية الأولمبية مع جميع الرياضيين من مختلف الرياضات الأخرى، من جميع البلدان الأخرى، قبل أسبوع من بدء المنافسة.

 

برنامج التدريب 
معظم الرياضيين على المستوى الأولمبي يكونون عادة غير معروفين تقريبا قبل الفوز بالميداليات، وغالبا ما يتعين عليهم العمل في وظائف أخرى بعيدا عن الرياضة لتغطية نفقاتهم. وبالإضافة إلى أعباء العمل، يتدرب هؤلاء الرياضيون ما بين 20 و30 ساعة أسبوعيا.
ويجب أن تحتل الرياضة أولوية قصوى في الحياة اليومية، وذلك على حساب الأنشطة الأخرى وأوقات الترفيه والأوقات الخاصة. من الضروري أيضاً أن يكون للرياضي مدربه الخاص الذي سيفعل كل شيء ليساعده على النجاح، لكن إذا لم تكن لدى الرياضي القدرة المادية على التعاقد مع مدرب خاص، ينحصر العمل مع مدرب الفريق أو الذي يعيّنه الاتحاد.
ويقوم المدربون بتوجيه الرياضيين فيما يخص اللياقة البدنية والصحة، ويفرضون فترات الراحة المطلوبة للتعافي من الإرهاق والإصابات على أسس علمية دقيقة. ويوصي أخصائيو التمارين بتخفيض الجهد بنسبة 90% خلال الأسبوع الذي يسبق المنافسة، والتأكد من الحصول على قسط جيد من الراحة وتهيئة الجسم لتقديم أفضل أداء ممكن.
من المعلوم أيضاً أن ممارسة الرياضة تزيد من قوة العضلات وخفة الحركة وتقلل من نسبة الدهون وتزيد من القدرة على التحمل. وسيزيد الجسم من امتصاص الأوكسجين والاستفادة منه، وهو المسؤول عن سلسلة من التفاعلات التي تمنح العضلات الطاقة التي تحتاجها، إلى جانب سعة القلب العالية وانتقال الدم بسلاسة في جميع أنحاء الجسم، وبالتالي يمكن توقع ارتفاع مستويات اللياقة البدنية واستمرار بناء كتلة العضلات وتقليل الدهون في الجسم.
كما يوصي الخبراء رياضيي النخبة بالاهتمام جيدا بأوقات الراحة والنوم الذي يعتبر جزءا مهما من روتين تدريب الرياضيين، وله قيمة كبيرة مثل جدول التدريب الصارم والنظام الغذائي. ونظرا لأهمية النوم، غالبا ما يخصص له الرياضيون المحترفون غرفة خاصة. ومن الضروري تقليص مصادر الضوء في غرفة النوم، واختيار سرير مريح، والتخلص من الأجهزة الإلكترونية، للاسترخاء التام قبل النوم.
هناك أيضا برنامجٌ نفسي بدوامٍ كامل، وهو مهم للغاية ويُحدث فارقا كبيرا عند الحاجة. ومن الضروري ممارسة تقنيات الاسترخاء قبل النوم، لإراحة الجسد قبل الخلود للنوم وإلا فإن العضلات سترتعش طوال الليل.
كما تؤثر مشكلات الصحة العقلية على حوالي 35% من الرياضيين في مرحلة ما من مشوارهم الرياضي، لأن ضغط المنافسات والتوق للحصول على الميدالية مرهق جدا.

اختبارات المنشطات
تنتشر ظاهرة تناول المنشطات لتحسين الأداء بين الرياضيين، وعلى وجه التحديد الرياضيين الأولمبيين الذين يطمحون الى التألق وحصد الميداليات. وقد وسّعت اللجنة الدولية الأولمبية بعد تلك الحادثة قائمة المواد غير المشروعة إلى أكثر من 200 مادة.
ويخضع الرياضيون المشاركون في الألعاب الأولمبية للاختبارات بشكل متكرر على مدار الأشهر التي تسبق المنافسة. وعلى الرغم من أنه أمر نادر الحدوث، ففي بعض الأحيان يتم سحب الميداليات لمجرد الظنّ بأن أحد الرياضيين قام بتعاطي المنشطات.

 

نموذج لخطة تحقيق الميداليات 
1 - اختيار الرياضيين وتطويرهم: اختيار الرياضيين الموهوبين في سن مبكرة وتوجيههم نحو الرياضة التي تناسبهم. وضع برامج تدريبية متقدمة تشمل جميع جوانب اللياقة البدنية والمهارات الفنية والنفسية. توفير الفرص للرياضيين للمشاركة في البطولات المحلية والدولية لاكتساب الخبرة وتحسين الأداء. إنشاء أكاديميات رياضية متخصصة بتطوير مهارات الشباب. تحليل أداء الفرق المنافسة ووضع استراتيجيات لمواجهتها.
2 - البنية التحتية والمرافق: بناء وتطوير المرافق الرياضية الحديثة التي تلبي احتياجات الرياضيين وتوفر بيئة تدريب مثالية. توفير أحدث الأدوات والمعدات الرياضية لضمان حصول الرياضيين على أفضل تجربة تدريبية ممكنة.
3 - الدعم المالي والإداري: تأمين التمويل الكافي للبرامج الرياضية من خلال الشراكات مع الجهات الحكومية والشركات الراعية. تخصيص ميزانيات كافية لدعم الرياضيين في مختلف المجالات. تقديم الحوافز المالية والمكافآت للرياضيين المتميزين. إنشاء هيئات إدارية قوية وفعالة قادرة على تنظيم وإدارة البرامج الرياضية بشكل محترف.
4 - التدريب والتأهيل: وضع برامج تدريب بدنية مكثفة تشمل القوة واللياقة والتحمل. تحسين المهارات الفنية من خلال التدريبات المتخصصة والمباريات التجريبية. تعيين مدربين أصحاب خبرة عالية ومؤهلات متقدمة. تنظيم معسكرات تدريبية داخلية وخارجية لزيادة الخبرة والتعلم من أفضل الفرق والرياضيين في العالم. استخدام التكنولوجيا الحديثة في تحليل الأداء الرياضي وتطوير استراتيجيات التدريب. وضع برامج دعم نفسي تساعد الرياضيين على التعامل مع الضغط والتوتر أثناء المنافسات.
5 - التغذية والعناية الصحية: وضع خطط غذائية متوازنة ومخصصة لكل رياضي لضمان تلبية احتياجاتهم الغذائية. توفير الرعاية الطبية الشاملة والمتابعة الصحية المستمرة للرياضيين. تقديم الدعم الطبي والنفسي المستمر للرياضيين. إجراء الفحوص الدورية للحفاظ على صحة الرياضيين.
6 - التخطيط الاستراتيجي: وضع أهداف واضحة وقابلة للقياس لكل رياضي ولكل فريق. استخدام أدوات تحليل الأداء لمراقبة تقدم الرياضيين وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين. وضع خطط تفصيلية للمشاركة في البطولات تشمل الاستعدادات واللوجيستيات واستراتيجيات اللعب. دعم الأبحاث العلمية المتعلقة بالرياضة لتحسين الأداء الرياضي.
7 - الدعم الجماهيري والإعلامي: بناء قاعدة جماهيرية داعمة من خلال الحملات الإعلامية والتواصل المستمر مع المشجعين. تعزيز حضور الرياضيين في وسائل الإعلام لزيادة الدعم والاعتراف بإنجازاتهم.
8 - الاستفادة من الخبرات العالمية: تبادل الخبرات والمعرفة مع الدول الرائدة في المجال الرياضي. تنظيم معسكرات تدريبية خارجية للرياضيين للاستفادة من البنية التحتية المتقدمة والخبرات الأجنبية. إقامة شراكات مع اتحادات رياضية دولية ومنظمات رياضية للاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا المتقدمة. استضافة بطولات ومعسكرات تدريب دولية لتبادل الخبرات.
باتباع هذه الخطط والاستراتيجيات، يمكن للدول والفرق الرياضية تعزيز فرصها في تحقيق الميداليات والنجاح في المنافسات الرياضية على المستويات المحلية والدولية.