البيئة تدفع ثمن البريكست
البيئة تدفع ثمن البريكست
كشف تحليل مفصل في صحيفة الغارديان البريطانية بيانات من معهد السياسة البيئية الأوروبية، تفيد أنّ الحماية القانونية الحيوية للبيئة وصحة الإنسان في إنكلترا يتمّ تدميرها في مرحلة ما بعد البريكست الذي دخل حيّز التنفيذ في 1 يناير 2021، وتخلّي المملكة المتحدة عن تشريعات الإتحاد الأوروبي. إذ تستمد بريطانيا 85 في المئة من إجراءات الحماية البيئية من تشريعات الإتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من وعود رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون ووزير الدولة في وزارة التسوية والإسكان والمجتمعات مايكل جوف، وغيرهما من مهندسي خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، بتعزيز الحماية البيئية، لكن ما يظهره تحليل الغارديان يبيّن العكس.
إذ سيتمّ السماح بإستخدام المواد الكيميائية السامة المحظورة في الإتحاد الأوروبي، وستقلّل المملكة المتحدة من إنبعاثات الغازات الدفيئة بشكل أبطأ، وستصبح مياهها أكثر هدوءاً وأكثر تلوثاُ، ومن المرجّح أن تساهم المنتجات الإستهلاكية في إزالة الغابات على مستوى العالم. وعليه، ستغدو المملكة متخلفة عن الإتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالتنظيم البيئي، حيث يقوم الوزراء بإلغاء تدابير الحماية البيئية.
وقال رئيس السياسة البيئية في المملكة المتحدة مايكل نيكلسون «إنّ المملكة المتحدة تبتعد بهدوء عن التشريعات البيئية التي ينصّ عليها الإتحاد الأوروبي. و إنّنا نشهد إتجاهاً متزايداً نحو تحسين القوانين البيئية في الإتحاد الأوروبي فيما المملكة المتحدة لا تحذو حذوه. وفي بعض المناطق، هناك خطر حقيقي من أن نعود إلى الوراء ويمثل هذا التراجع مشكلة، لأنّه لن يقوّض المستويات الحالية لحماية البيئة فحسب، بل سيؤثر على إتفاقية التجارة والتعاون الخاصة بنا مع الإتحاد الأوروبي والتي تتضمن التزاماً قانونياً محدداً، تمّ تأكيد هذا الإلتزام من قِبَل العديد من الوزراء، حيث أشاروا الى أنّ المملكة المتحدة ستحتفظ بمعايير عالية ولن تتراجع بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي».
وتخشى الشركات من عدم قدرتها بعد الآن على التصدير إلى أكبر أسواقها، مع تزايد تفاوت المعايير بين المملكة المتحدة والإتحاد الأوروبي، ذلك لأنّ بعض المواد الكيميائية المسموح باستخدامها في المملكة المتحدة يتمّ حظرها من قبل الإتحاد الأوروبي.
غادرت المملكة المتحدة هيئة تنظيم المواد الكيميائية في الإتحاد الأوروبي، التي تعمل على حظر المواد التي يتبين أنّها ضارّة على صحة الإنسان. وبعد خروجها من الإتحاد الأوروبي، عملت على نسختها الأصغر حجماً وأطلقت عليها إسم “UK Reach” ، ومن شروطها تسجيل وتقييم وترخيص وتقييد المواد الكيميائية في المملكة المتحدة. وتُلزِم الشركات تسجيل المواد الكيميائية التي ينتجونها أو يستوردونها إلى المملكة المتحدة وتقديم معلومات مفصلة عنها، مع ضمان سلامتها وتحديد أي مخاطر محتملة على الصحة البشريّة أو البيئيّة.
وقد حدّد الإتحاد الأوروبي ثماني قواعد، تقيّد إستخدام المواد الكيميائية الخطرة، منذ خروج المملكة من الإتحاد الأوروبي، وهناك 16 قاعدة أخرى في طور الإعداد. ومع ذلك، لم تحظّر المملكة أي مواد في ذلك الوقت، وهي تدرس قيدين فقط: ذخيرة الرصاص، والمواد الضارة في حبر الوشم.
فرض الإتحاد الأوروبي تعرفة جمركية على المنتجات التي تحتوي على نسبة عالية من ثاني أوكسيد الكربون (الأسمنت والحديد والصلب والألمنيوم والأسمدة والكهرباء والهيدروجين في مرحلته الأول)، والمعروفة باسم آلية تعديل حدود الكربون، في محاولة لخفض إنبعاثات الكتلة. ستبدأ بريطانيا بتطبيق الحظر، على شكل خطة وليس قانوناً، عام 2027، وستكون واردات المملكة المتحدة الأكثر تلوّثاً من تلك الواردة إلى الإتحاد الأوروبي.
إزالة الغابات
يحمي الصندوق الأشخاص الأكثر ضعفاً من تكاليف التحوّل الأخضر في الإتحاد الأوروبي. ويمكن إستخدامه لدعم الدخل المباشر والإستثمارات في تجديد المباني الموفرة للطاقة والنقل المستدام. وهذا غائب في بريطانيا، مما سيعقِّد إتخاذ قرارات مساعِدة للبيئة في المملكة المتحدة مقارنةً بدول الإتحاد الأوروبي.
أصدرت المملكة المتحدة قانون التكنولوجيا الوراثية (التربية الدقيقة) لتحسين كفاءة المزارعين، ولزراعة النباتات وتربية الحيوانات التي تحقّق المزيد من الأرباح، في وقت يفرض الإتحاد الأوروبي قيوداً صارمة على السلع المعدلة جينياً.
لقد قامت المملكة المتحدة بتخفيف إلتزامها بالسقف الوطني للإنبعاثات الذي تمّ تحديده في تشريعات الإتحاد الأوروبي. وأفادت الهيئة الرقابية بأنّ هذا التخفيف سيؤدي إلى تدهور جودة الهواء في المملكة المتحدة. ولذلك، يتوجب على الحكومة البريطانية تنفيذ خطة للحدّ من إنبعاثات الملوثات مثل أكاسيد النيتروجين والأمونيا، والنظر فيها مرّة أخرى، إذا كان من المتوقع تجاوز الإنبعاثات للأهداف المحدّدة. ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى جعل جودة الهواء في المملكة المتحدة أسوأ من جودة الهواء في الإتحاد الأوروبي.
من المقرّر أن يعزّز الاتحاد الأوروبي توجيهات جودة الهواء المحيط، التي تحدّد حدود تركيز بعض الملوثات التي تعتبر ضارة بما في ذلك ثاني أوكسيد النيتروجين (NO2) والجسيمات الصغيرة. ويناقش الإتحاد الأوروبي أيضاً ما إذا كان سيزيد من تنظيم المواد المستنفدة للأوزون. وعليه ستخضع جودة الهواء في الاتحاد الأوروبي لقيودٍ قانونية أكثر صرامة مما هي عليه في المملكة المتحدة.
هناك لائحة أخرى للإتحاد الأوروبي قيد التنفيذ وهي قانون المواد الخام الحرجة، الذي يغطي 34 مادة ذات أهمية صناعية مهمة لبناء وإنتاج مزارع الرياح والبطاريات والألواح الشمسية. ولائحة تنظيمية تحدّد الأهداف المتعلقة بالإستخراج والمعالجة وإعادة التدوير والإستهلاك، فيما الإستراتيجية المقترحة في المملكة المتحدة محدودة جداً، ولا تلحظ إلّا إجراء تحقيق في إنتاج بعض الأموال لدعم سلاسل التوريد.