هل نكتفي بالإحتفال بيوم المرأة العالمي؟!.. جمعية «كفى»: قوانين ضدّ العنف الأسري

هل نكتفي بالإحتفال بيوم المرأة العالمي؟!.. جمعية «كفى»: قوانين ضدّ العنف الأسري

  • ٠٨ آذار ٢٠٢٤
  • كاسندرا حمادة

هناك دائماً إمرأة، تكره العودة إلى المنزل، حيث تتعرض للتعنيف، وهناك أخريات محكومات بإلتزام «بيت الطاعة»، أو الرضوخ لأحكام الحرمان من الحضانة أو النفقة.

قبل إنتشار ثقافة الوعي نسبياً ضد العنف الأسري، كانت المرأة تمارس على نفسها نظام «كم الأفواه»، وتمتنع عن التعبير عن المعاناة التي تعيشها، خوفاً على صورتها وصورة زوجها أمام المجتمع.
وبعدما لعبت اللبنانيات دوراً رياديّاً في التظاهرات الشعبية، خاصة بين عامي 2011 و2015، نتيجة جرائم قتل النساء ، ما أدى الى إطلاق العديد من المبادرات.
ورغم ذلك، لا تزال الثقافة الإجتماعية في الكثير من البيئات تبرّر عنف الرجل ضدّ المرأة. ولا تقتصر على تبرير الرجل من «ضربة كف» أو «دفشة»، بل تسوّغ  مقتل  21 إمرأة، عام 2023 على أيدي أزواجهن. وقد وصل عدد الشكاوى من حالات العنف الجسدي التي تمّ التبليغ  عنها على الخط الساخن 1745 لدى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي الى 195 حالة، في آخر ثلاثة أشهر من عام 2023، ناهيك عن حالات العنف الأخرى غير المعلن عنها. 
وقد سبق وعلّقت «هيومن رايتس ووتش»، عام 2020 قائلة إنّ السلطات اللبنانية لم تفِ بالتزاماتها القانونية الدولية لحماية النساء والفتيات من العنف، ووقف التمييز ضدهن.
في حين ترتفع حالياً وتيرة الدعاوى والشكاوى بما يتعلّق بقضايا النساء، وفق ما أكّدته المحامية في جمعية كفى ديما فرحات في حديث لـ «بيروت تايم»، فهذا لا يعني إرتفاع أو إنخفاض نسبة الجرائم ضدّهن، إنّما زيادة الوعي الإجتماعي هو ما شجّع النساء التبليغ عند تعرّضهن للعنف، وساهم في ذلك تسليط وسائل الإعلام  الضوء على الجرائم التي تُرتكب ضدّ النساء.
وقد تخطت هذه القضايا اليوم النطاق الأسري الإعتيادي في مجتمعنا، بفضل نضال الحركة النسوية. 
وتستغرب فرحات الضجيج الإعلامي السنة الماضية حول الزوجة التي دسّت السّم لزوجها في طعامه لأنّ مرتكب  الجرم إمرأة، فيما يتمّ التغاضي عن جرائم في حقّ النساء في الكثير من الأحيان أو لا تأخذ الحيّز الكبير كالذي تكون فيه المرأة هي المعتدية.
وتشرح إرتباط هذا التمييز الجنسي بنظام الأحوال الشخصية، والنظام الأبوي، إذ تعطي القوانين سلطة مطلقة للرجل على الرغم من الإختلافات المتفاوتة بين طائفة وأخرى أكان على صعيد الوراثة، أو الحضانة، أوقوانين الأحوال الشخصية.
و تستبيح هذه القوانين حقوق المرأة،. وتشيرفرحات إلى أنّ كلّ اللبنانيات معنّفات بنسب متفاوتة من خلال قوانين المحاكم الروحية، على إختلاف الطبقات الإجتماعية التي تنتمي إليها النساء.
وعلى الصعيد القضائي، تلفت فرحات الى البطء في إصدار الحكم، وأيضاً الإنحياز الضمني الى الزوج ، إذ غالباً ما يُبَرّر التعنيف على أنّه حالة غضب غير إرادية،  ما يؤّدي إلى أحكام تخفيفية. ولا تقتصر هذه الذكورية عند القضاة الرجال فقط، بل هناك العديد من القضاة النساء اللواتي أصدرن أحكاماً متحيّزة.
وبناءً على حديث فرحات أنّ بعض العائلات تستغلّ القوانين وتتلاعب بها قضائياً، فتدفع الأخ القاصر الى إرتكاب جريمة الشرف في حقّ أخته، كون القاصر لا يحاكم قانونياً. ووراء هذا السلوك تختبيء أعراف إجتماعية وثقافية تحت حجة التدين محفّزة لكل أنواع المبررات والتمييز.


قوانين وطائفية
بناءً على الوقائع، قدّمت جمعية «كفى» مجموعة من القوانين بهدف محاربة الطائفية المسيطرة على قضايا الأحوال الشخصية. ومن بين هذه القوانين، يبرز القانون الموحّد للأحوال الشخصية، الذي يهدف إلى تسهيل إقرار قانون حماية المرأة والأسرة من العنف. يتضمن هذا القانون أمر الحماية، الذي يمكن للضحية أن تطلبه بهدف إبعاد المعنِّف عنها وعن أطفالها، من خلال نقلها إلى مكان آمن أو إبعاده عن المنزل.
وتجدّر الإشارة إلى أخطاء شائعة عند التطرّق الى العنف الأسري، وتحديداً قانون رقم 293 المعدل بالقانون رقم 204، مثل حصره بالعنف الممارَس من الزوج على زوجته، فيما المذكور في القانون هو العنف الواقع بين جميع أفراد الأسرة؛ على سبيل المثال، العنف الممارَس من الأب على الأولاد الراشدين - بما أنّ القاصرين يشملهم قانون خاصّ (رقم 422)- أو العكس، أي من الأولاد الراشدين على الأب أو الأم، أو العنف بين الأخوة، والأولاد بالتبنّي أو التكفّل، كما ويشمل أيّ شخص يتعرّض للعنف من قِبَل من له حقّ الولاية أو الوصاية عليه. بالاضافة الى أنّه بعد التعديل أصبح يشمل العنف الممارس من الزوج السابق. بالإضافة الى ذلك، تطرح  اليوم أيضاً جمعية «كفى» القانون الشامل لمناهضة العنف ضد المرأة حيث يجمع كلّ القوانين، ويخصّص حماية المرأة من شتّى أنواع العنف. وتأخذ مثل هذه القوانين وقتأً طويلاً في البحث، إذ من شأنها أن تفتح باباً لإلغاء الطائفية السياسية، خاصّة أنّه في بلد مثل لبنان، يعتبر الشعب أنّ الطوائف هي المسؤولة عن حماية الأفراد، ما يلغي عمل الدولة.
ويفتقد لبنان لقانون مدني ينظّم الأحوال الشخصية، إذ إنّ هناك 15 قانون طائفي للأحوال الشخصية خاص بكل طائفة دينية معترف بها، بما فيها إثنتا عشرة طائفة مسيحية وخمس طوائف محمدية وطائفة يهودية؛ تشرف محاكم طائفية مستقلّة (باستثناء الأخيرة) على تطبيقها. ومن وجهة نظر القيمين، إنّ هذا التعدّد ضروري لحماية التنوّع الديني في لبنان.
 
على الرقم 1745.. عناصر مدرّبة من قوى الأمن الداخلي لحماية المرأة
عندما تلجأ المرأة إلى جمعية «كفى»، تحصل على خدمة قانونية، نفسية وإجتماعية. وتتابع الجمعية الضحية في المسار القضائي والنفسي. 
كما تعمل جمعية «كفى» بالتعاون  مع قوى الأمن الداخلي لتوفير الدعم والمساعدة اللازمة، من خلال الخط الساخن  1745. حيث يتلقى الإتصال على هذا الخط عناصر مدرّبة من قوى الأمن الداخلي، للتعامل مع كافة الحالات بإحترافية تامة.