مقال التلغراف.. درس في الإعلام الممهد للمجازر

مقال التلغراف.. درس في الإعلام الممهد للمجازر

  • ٢٥ حزيران ٢٠٢٤
  • غادة حدّاد

ما حدث منذ السابع من تشرين الأول 2023 وضع مصداقية الإعلام الغربي على المحك.

بعد عملية طوفان الأقصى، تصدرت عناوين الصحف الغربية والمواقع الالكترونية، الأخبار عن قطع رؤوس الأطفال، وإغتصاب النساء، تبريراً لقصف غزة، وتمهيداً للمجزرة المستمرة.

وأتى مقال التليغراف عن تخزين حزب الله الصواريخ والأسلحة في المطار، ضمن الحملة الممنهجة، تمهيداً لأي ضربة للمطار، وعذراً مسبقاً لقصفه. ونقل الخبر دون أي تدقيق، على اعتبار أنّها صحيفة ذات مصداقية، مما ولّد حالة ذعر حول احتمال قصف المطار.

تضمن المقال آراء «كاشفي فساد»، فيما لم يبرز أي وثيقة أو دليل حول صحة الأقاويل، فيما تجهيل هوية المصدر، يكون غالباً لحمايته، لتكون الإثباتات هي الداعّم الأساسي للقصة. كما لم يوقّع باسم أي صحفي، والأخطر أنّ وثق شهادات من الوزير السابق غسان حاصباني.

لكن هذه ليست المرة الأولى التي يكذب فيها الإعلام الغربي، ويؤمن لإسرائيل الأرضية لأي ضربة أو مجزرة جديدة.

في 11 تشرين الأول، تناقلت وسائل إعلام غربية خبر كاذب حول قطع حماس رؤوس 40 طفلاً، وهي الأقاويل التي تبناها الرئيس الأميركي جو بايدن في دعمه للحرب الإسرائيلية على القطاع، مؤكداً أنّه شاهد صور الأطفال، ليعود البيت الأبيض وينفي صحة الخبر، وقال أنّ بايدن تلقى المعلومة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

 


 

 

في 3 تشرين الثاني 2023، قصفت إسرائيل مستشفى الشفاء في غزة، والذي كان يضم عدداً كبيراً من الجرحى، وقصفت أيضاً 3 سيارات إسعاف، فإستشهد الجرحي وعدداً من الطواقم الطبية والمسعفين. كما إقتحم المستشفى في 15 تشرين الثاني، ذلك بعد حملة تحريض عليه، على اعتبار أنّ خلية من حماس كانت تمركز في المستشفى. ثمّ تعرّض على إثرها المستشفى لمجزرة واقتحام في 28 آذار، بعد حصار دام أسبوعين، استشهد خلالها أكثر من 300 فلسطيني.

بدوره شارك الإعلام الغربي بالتمهيد للمجزرة والإقتحام، عبر عناوين مثل «إسرائيل تلاحق مركز قيادة حماس في غارة على مستشفى الشفاء في غزة» لصحيفة «التلغراف»، و«البيت الأبيض يقول إنّ لديه أدلة على أنّ حماس تستخدم مستشفى الشفاء لشن عمليات عسكرية» حسب وكالة رويترز.

 


 

 

إن كان الإعلام الغربي قد نجح تاريخياً في لعبة البروباغندا، ذلك لقدرته على خلق رأي عام وإدارته، بطريقة محترفة، تمكّن من خلالها من قيادة الإعلام العالمي. لكن منذ بدء الحرب على قطاع غزة وجد نفسه في موقع الدفاع عن آلة قتل، لم يتمكن من الإستمرار في الدفاع عنها، ليصل الأمر ببيرس مورغان بتخليه عن سؤاله الأشهر «هل تدين حماس»، ليعلن عدم قدرته على تبرير ما يجري في القطاع.

وانحيازه ضدّ الفلسطينيين ليس جديداً، ففي دراسة عن «مركز رصد الإعلام» البريطاني، من إعداد الباحث والمراسل والصحفي فيصل حنيف، أظهر إنحياز الإعلام الغربي لإسرائيل، ومنذ فترةٍ طويلة، وقال «قمنا بدراسة اللغة، ووجدنا أنّ مصطلحات مثل «الفظاعة» و«المجزرة»و«المذبحة» تُستخدم بكثرة عند الحديث عن موت الإسرائيليين بدلاً من الفلسطينيين.»
ووجد التقرير أنّ القنوات الإذاعية روّجت لحقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها، خمس مرات أكثر من حقّ الفلسطينيين في المقاومة. كما ظهر تحيّز نحو المصادر الإسرائيلية وضدّ المصادر الفلسطينية. فيما التعابير كانت واضجة لجهة أنّ الإسرائيليين «يؤكدون» الأحداث، بينما الفلسطينيون «يدعون» الأحداث.
فيما يصف الإعلام الغربي بأنّ الإسرائيليين «قُتلوا»، بينما الفلسطينيين «ماتوا» أو «فقدوا حياتهم»، دون ذكر الجهة القاتلة.
وعليه، لا يبدو مستغرباً بأن تجِد التلغراف في لبنان ومطاره، مسرحاً جديداً لأخبار كاذبة، علّها تمهد لحربٍ أكبر، وفضائح على حساب دم شعب آخر.