لبنان في ألسنة النيران: حين تعيد الحرائق تشكيل غاباتنا

لبنان في ألسنة النيران: حين تعيد الحرائق تشكيل غاباتنا

  • ٢٠ أيلول ٢٠٢٤
  • مارون متري

على الرغم من أنّ شهر أيلول قد شارف على نهايته يبقى خطر حرائق الغابات قائماً ويتطلب إدارة إستباقية لمواجهة الكوارث الطبيعية التي تتفاقم بفعل تغيّر المناخ

 بالشراكة مع

https://www.961scientia.news

مع إرتفاع  درجات الحرارة القياسية، يواجه لبنان خطرًا متزايدًا من حرائق الغابات. وبينما تبقى العديد من المناطق تواجه مخاطر عالية من إندلاع النيران ، تبقى الوقاية أساسيةً لحماية السكان والتنوع البيولوجي. ويدعو الخبراء والسلطات إلى الحذر وإدارة استباقية لمواجهة هذه الكوارث الطبيعية التي تفاقمت بفعل تغير المناخ.

وقد سجل العام 2024 رقمًا قياسيًا حزينًا: إذ شهد أعلى درجات حرارة على الإطلاق. و شهر آب الذي كان أقل حرّاً بـ0.07 درجة فقط مقارنة مع شهر آب 2023 ، ودرجات الحرارة القصوى تلك لا تقتصر على دفع السكان نحو الشواطيء، بل تزيد أيضًا من خطر احتراق الغابات. ومع دخولنا شهر أيلول، هل انتهى حقًا موسم الحرائق؟
وفقًا لبيانات المجلس الوطني للبحوث العلمية (CNRSL)، لا تزال العديد من المناطق تحت مراقبة شديدة، مع تنبيهات حمراء وبرتقالية، تشير إلى أخطار شديدة إلى عالية جدًا وذلك بالرغم من أنّ غالبية الأراضي اللبنانية تصنّف ضمن المناطق الخضراء والصفراء والتي تعني أنّها مناطق منخفضة إلى معتدلة الخطورة. ولكن من الضروري البقاء في حالة تأهب لمواجهة أي كارثة محتملة.

 

مراجعة الخريطة 1 

المناطق المصنفة خضراء وصفراء المخاطر فيها منخفضة الى متوسطة

 

مراجعة الخريطة 2

المناطق المصنفة حمراء وبرتقالية المخاطر فيها شديدة الى العالية جداً

 

مراجعة الخريطة ٣

المناطق المصنفة حمراء وصفراء وخضراء وبرتقالية المخاطر فيها منخفضة ومتوسطة وشديدة وعالية جداً

 

الوقاية خير من العلاج

للاستعداد لحرائق الغابات وتقليل المخاطر، اتبع السلوكيات التالية:
قبل الحريق:
- تحقق من مدى خطورة المنطقة التي تسكن فيها.
- حدد طرق الإخلاء لمغادرة منطقتك بسرعة.
- أعد خطة إخلاء مع عائلتك وجيرانك.
- تابع تنبيهات الحرائق عبر تطبيق  Leb Alerts، أو موقع  www.ewsp.gov.lb، أو مجموعات  WhatsApp، أو الراديو.
أثناء الحريق:
- كن مستعدًا للإخلاء في أي لحظة.
- تابع تطورات الوضع والطرق المغلقة على الراديو.
- اركن سيارتك بطريقة تمكّنك من الانطلاق بسرعة واحتفظ بالأشياء الأساسية في متناول يدك.
- ابعد المواد القابلة للاشتعال عن منزلك.
- أغلق الأبواب والنوافذ للحد من دخول الدخان والغبار.
- اقطع إمدادات الغاز والمازوت.
بعد الحريق:
- استشر البلدية قبل العودة إلى منزلك؛ لا تعُد دون موافقتهم.
- انتبه للمناطق المتأثرة بالنيران، فقد تتجدد نقاط الاشتعال.
- تحقق من صلاحية الماء والطعام وتخلّص من أي طعام تعرّض للدخان أو النيران.
- ارتدِ قفازات مطاطية، وجزمة، ونظارات واقية، وقناع أثناء التنظيف.
الإبلاغ عن حريق غابات:
- اتصل بفوج الإطفاء في بيروت على الرقم 175 والدفاع المدني على الرقم 125.
- تواصل مع السلطات المحلية.

- استخدم تطبيق Leb Alerts للإبلاغ عن الحريق.

خليط من الملوثات
لا تقتصر حرائق الغابات على تدمير التنوع البيولوجي فقط، بل تساهم أيضًا في تدهور جودة الهواء. ويشرح شربل عفيف، خبير في تلوث الهواء ومدير قسم الكيمياء في كلية العلوم في جامعة القديس يوسف في بيروت: "تطلق حرائق الغابات كميات هائلة من الملوثات السامة، بما في ذلك الجسيمات الدقيقة (Particle Matter PM) بالإضافة إلى المركّبات العضوية المتطايرة، وأحادي وثنائي أكسيد الكربون، وأكاسيد النيتروجين". ولهذه الانبعاثات تأثيرات خطيرة على صحة الإنسان، خاصة على أنظمة القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، مما يزيد من خطر الأمراض مثل التهاب الشعبي، والربو، والأمراض القلبية، وحتى سرطان الرئة.
يضيف: "لقد كشفت الدراسات السمية أن الجسيمات الصادرة عن حرائق الغابات أكثر ضررًا من تلك الناتجة عن مصادر بشرية أخرى".
من الضروري التحوّط من هذه الجسيمات بارتداء قناع، وخاصة للأشخاص الذين يعانون من الربو، والأطفال، والنساء الحوامل. وتظل هذه الاحتياطات ضرورية حتى على بعد عدة كيلومترات من الحريق، لأنّ الظروف الجوية قد تنقل هذه الجسيمات على بعد مسافات طويلة. قد تستمر عملية توزيعها من بضع ساعات إلى يوم كامل.
حرائق ليست مدمرة تمامًا
تشكل الحرائق اضطرابًا متكررًا في الغابات المتوسطية، وقد تساهم حتى في تعزيز التنوع البيولوجي عن طريق فتح المساحات الغابية والحفاظ على بعض الأنواع. ولكنّها تشكّل خطراً عندما تتكرّر بشكل مفرط أو بشدّة. فلا تهدد دائمًا حرائق الغابات التنوع البيولوجي، ولكن تكرارها على مدى قصير خطير جدّاً. ويكمن الخطر الحقيقي في زيادة الحرائق التي تتفاقم بفعل درجات الحرارة المرتفعة.
توضح كارلا خاطر، مديرة الأبحاث في مركز الاستشعار عن بعد التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية (CNRSL) في لبنان ومتخصصة في إدارة النظم البيئية: "إذا احترقت الغابة كل عام، فلن يكون لديها الوقت لاستعادة مرونتها أو لتجديد تنوعها البيولوجي. رغم أن قد تكون الحرائق مؤلمة للنظم البيئية الغابية، من الضروري عدم التسرع في إعادة التشجير. فالأولوية هي حماية الغابة، وتركها تتجدد طبيعيًا، ومنع الحرائق الأخرى، والرعي، والقطع، وتغيير استخدامات الأراضي عن طريق البناء".

فمتى يجب التفكير في إعادة التشجير؟ تختم السيدة خاطر: «إذا لم تستعِد الديناميكية الطبيعية للغابة بعد خمس أو ست سنوات، وإذا أكّدت الدراسات الميدانية عدم قدرتها على التجدد، فيكون حينها من المناسب تخطيط إعادة التشجير».