80 في المئة من اللبنانيين ضحايا «تروما الحرب» فما هي سبل العلاج

80 في المئة من اللبنانيين ضحايا «تروما الحرب» فما هي سبل العلاج

  • ١٠ تشرين الأول ٢٠٢٤
  • تمارا طوق

رغم الدمار وارتفاع أعداد الشهداء يوميا، تتراكم أوجاع أخرى لدى اللبنانيين لا يتم التطرق إليها، وهي تتمثل بالأضرار النفسية جرّاء الحرب. ومما لا شكّ فيه أنّ الصحة النفسية ثقافة غير رائجة في المجتمع اللبناني، حتى في أوقات السلم. فما هي صدمة الحرب أو «تروما» الحرب ؟

يعيش اللّبنانيّون في حالة مستمرّة من التوتر والأرق. صراعات نفسيّة كبيرة يخوضها كلٌ منا على حدى. فالحرب الإسرائيلية على لبنان ترخي بثقلها في كل مكان، حتى على هؤلاء الذين يعيشون في أماكن وبلدات توصف «بالآمنة» نسبيا. 
ورغم الدمار وارتفاع أعداد الشهداء يوميا، تتراكم أوجاع أخرى لدى اللبنانيين لا يتم التطرق إليها، وهي تتمثل بالأضرار النفسية جرّاء الحرب. ومما لا شكّ فيه أنّ الصحة النفسية ثقافة غير رائجة في المجتمع اللبناني، حتى في أوقات السلم. 
فما هي صدمة الحرب أو War Trauma؟
هي الإستجابة العاطفيّة الّتي تظهر خلال أو بعد التعرّض لأحداث محزنة تفوق قدرة التحمّل لدى الفرد، فيفقد الفرد الشعور بالأمان ويسيطر عليه الخوف. وهنا يُصاب بحالة من الإنكار تؤدي إلى صعوبة في التركيز والتعايش مع الواقع. 
وفي بعض الأحيان ينتاب البعض الشعور بالذنب، إضافة إلى صعوبة السيطرة على المشاعر وعدم القدرة على التحكّم بردات الفعل. كما حالات القلق، والإرتباك، والإحساس بالحزن الشديد، واليأس وفرط اليقظة، حيث يصبح الجسم في حالة من التأهّب لمواجهة أي خطر.

نور، أم لثلاث أطفال، تبقى مستيقظة ليلاً خوفاً من وقوع كارثة قرب منزلها. ومثل 80% من اللّبنانيّيّن، نور تعاني من الصدمة جرّاء الحروب المتتالية الّتي عاشتها منذ عام 1975 حتّى 1990 وصولاً إلى انفجار مرفأ بيروت حتّى الحرب الحاليّة. 
وبعد اللّجوء إلى معالج نفسي اكتشفت وجود إرث نفسي ينتقل من جيل إلى آخر، ويستمر في التوارث حتّى اتّخاذ الفرد القرار بمباشرة العلاج وتطوير ذاته على المستويين العقلي والنفسي. 
مختلف الفئات العمرية من الممكن أن تصاب بالصدمة النفسيّة، لكن الأمر يختلف في قدرة كل فئة ودرجة الوعي لدى الفرد على استيعاب الأحداث الصادمة والتعامل معها. 
الوقت كفيل في أن يعالج البعض. بينما يصاب آخرون باضطرابات نفسيّة مزمنة، وهذا ما نراه بكثرة عند الأجيال اللّبنانيّة السابقة. فصدمة الحرب تأتي أيضاً بعد التعرّض للتهجير، الإحتجاز في نفس المكان، مشاهدة أحداث العنف أو عدم القدرة على الحصول على موارد الحياة الأساسيّة. علماً أنّ صدمة الحرب تطال أيضا الصحة الجسديّة حيث يصاب العقل والجسم بالإرهاق، وصعوبة التركيز، والتعرّق، وسرعة ضربات القلب، والشد العضلي، والآلام والأوجاع الجسديّة، والصداع، واضطراب الجهاز الهضمي وأخيراً الأرق والكوابيس. 
وبحسب الإختصاصيين فإنّ الحل للتخلص من صدمات الحروب يكمن في العلاج النفسي، الّذي يساعد في التخفيف من حدّة الأعراض تفادياً الوصول إلى إضطرابات نفسيّة أكثر تعقيدا. ومن الإرشادات التي يمكن اتباعها للبدء في العلاج: تجنّب البقاء وحيداً، ومحاولة العودة إلى ممارسة الحياة الطبيعيّة قدر الإمكان، والتعبير عن المشاعر السلبيّة، والمشاركة في أنشطة ترفيهيّة والإنخراط في الحياة الإجتماعيّة.