حماس تقبل الإتفاق… بداية سقوط أحجار الدومينو

حماس تقبل الإتفاق… بداية سقوط أحجار الدومينو

  • ١٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
  • أنطوني سعد

السياسة التي تعتمد على تحالفات موضعية وتكتيك إنتزاع القطع من الخريطة الإيرانية بدأت تؤتي ثمارها

مع إعلان حركة حماس قبولها بإتفاق التسوية الأخير بدا أنّ مشهد الشرق الأوسط يدخل مرحلة جديدة عنوانها تفكيك منظومة النفوذ الإيراني خطوة بعد أخرى. الإتفاق الذي وُصف بأنّه الأكثر شمولية منذ سنوات لا يقتصر على تهدئة في غزة بل يفتح الباب أمام تحوّلات إقليمية أوسع حيث تتساقط أحجار الدومينو واحداً تلو الآخر في مناطق نفوذ طهران.

منذ سقوط نظام بشار الأسد في دمشق بدا أنّ واشنطن وحلفاءها يعتمدون سياسة تقطيع الأذرع الإيرانية تدريجياً. القطعة السورية خُطفت لمصلحة تفاهمات أعادت ترتيب النفوذ بين تركيا والسعودية بينما القطعة الثانية اليوم المتمثلة بغزة تسقط باتجاه إسرائيل لتأمين حدودها الجنوبية وقطع شريان رئيسي من شرايين محور المقاومة. وبين هاتين المحطتين تتضح استراتيجية أميركية بعيدة المدى تقوم على ضرب الأذرع واحدة تلو الأخرى قبل الإنتقال إلى مواجهة الرأس مباشرة.

هذه السياسة التي تعتمد على تحالفات موضعية وتكتيك إنتزاع القطع من الخريطة الإيرانية بدأت تؤتي ثمارها. النفوذ الإيراني الممتد من طهران حتى المتوسط عبر سوريا ولبنان والعراق واليمن وغزة لم يعد كتلة صلبة كما كان يُظن. فبعد خسارة دمشق عملياً وخروج غزة عن معادلة المقاومة بتفاهمات دولية تبدو الأنظار مركّزة على ما تبقى من نفوذ في العراق ولبنان واليمن.

في العراق تتزايد الضغوط لاحتواء الفصائل الموالية لطهران عبر ترتيبات سياسية وأمنية. وفي لبنان يزداد الحديث عن حصار مالي وسياسي يهدف إلى إضعاف حزب الله وتحويله من لاعب إقليمي إلى قوة محلية محاصَرة. أما في اليمن فالمشهد يسير نحو إنهاء نفوذ الحوثيين تدريجياً مع تقارب سعودي أميركي إقليمي لإعادة ترتيب السلطة هناك.

قبول حماس بالإتفاق يشكّل إذن أكثر من مجرد خطوة تكتيكية. إنّه إشارة إلى تحوّل في موازين القوى ورسالة بأنّ مرحلة جديدة من قطع أوصال المحور الإيراني قد بدأت بالفعل. وبعد أن سقطت أولى القطع لمصلحة تركيا والسعودية في سوريا والثانية لمصلحة إسرائيل في غزة يبدو أنّ المشهد مقبل على معارك أشد تعقيداً لانتزاع بقية المناطق من النفوذ الإيراني في السنوات المقبلة.

المؤشرات المتسارعة توحي بأنّ لبنان سيكون المحطة المقبلة في هذه المواجهة. الضغط الدولي والإقليمي يتصاعد لعزل حزب الله وتجفيف موارده المالية ومصادر تسليحه، فيما تسعى القوى الغربية والعربية لإعادة رسم توازنات السلطة في بيروت بما يُنهي دوره كلاعب إقليمي ويعيده إلى حدود الداخل اللبناني. وإذا نجح هذا المسار فإنّ سقوط غزة قد يكون الشرارة التي ستفتح الطريق أمام مواجهة أوسع تهدف إلى إنهاء النفوذ الإيراني في لبنان وتحويله إلى الساحة الأهم في الصراع المقبل.