السعد والسيّد... وعيد الحب

السعد والسيّد... وعيد الحب

  • ١٥ شباط ٢٠٢٤
  • جورج طوق

في أسبوع "الڤالنتاين"، صورتان تصدّرتا المشهد السياسي في لبنان، لترويا قصتَيْ حبٍّ شهيرتَين، وإن بلا أفقٍ ولا سعادةٍ ولا ورودٍ حمراء. ليس لقصص الحبّ جميعها نهاياتٌ سعيدة كما في أفلام هوليوود. فهي قد تأتي بالكثير من الخراب كما فعل، مثلاً، عشق باريس لهيلانة في طروادة، أو تنتهي بموتٍ شكسبيريّ جماعيّ كما في مسرحية روميو وجولييت.

صورتان تمثّلان خياريَن طُرحا وحيدَين، بوضوحٍ وسهولة ووقاحة، أمام أعيُن اللبنانيّين فور دويّ انفجار الجريمة في شباط ٢٠٠٥. لحظةٌ تاريخيّة لم تفلح أيّ خيارات أخرى فيها، مثل تجربة اليسار الديموقراطي، بالوصول إلى مسامع وأمزجة الناس، كما لم تستطع منع ذوبانها في موجة الرابع عشر من آذار بوجه الثامن منه، باسثناء بضعة نجاحات لها غير مكتملة حفظت، في الحدّ الأدنى، مسار النضال التراكميّ في لبنان، وأبقت باب التغيير فيه غير مسدود.

صورتان تفصحان عن سبق الإصرار والترصّد في جريمة إحالة لبنان إلى الإنهيار: الأولى، وهي صورة عودة سعد الحريري للمشاركة في ذكرى اغتيال والده، والثانية هي كلمة الأمين العام لحزب الله المتلفزة في المراجل والحروب والانتصارات والتخوين والعمالة، وأيضاً في الموت والتهجير والبيوت المدمّرة. صورتان لقصّتَي حبّ جماهيريّ وشعبيّ كلّفتا اللبنانيّين قرابة العقدين من الخبث والخيبات والعبث بالمقدّرات ونفاد القدرة والصّبر.

بين صورة السعد، الهزيل نسبياً، وبين صراخ وإصبع السيّد، المرفوعَين دائماً، نتذكّر الضرورة الملحّة لخرق جدار الخيارَين المطروحَين علينا منذ العام ٢٠٠٥: الحياة من قلّة الموت مع الأول، أم الموت من قلّة الحياة مع الأخير؟!

خيبات الأول ومخالب الأخير تذكّرنا، عند كلّ حدث، بجمال وصوابيّة مسارنا التراكميً في الثورة والتغيير، منذ جرأة التظاهرات الرافضة للنظام الطائفي، مروراً بنظافة وإصرار حراك أزمة النفايات، حتى غضب ١٧ تشرين الجميل وانصرافنا، بعد انتخابات ٢٠٢٢، إلى الإنتظام الجدّيّ