كرة القدم تغيّرت

كرة القدم تغيّرت

  • ٠٨ تموز ٢٠٢٤
  • موسى الخوري

منتخبات كبيرة مثل المانيا والبرازيل تخرج من ربع نهائي مسابقتي اليورو والكوبا اميريكا وتتأهل بدلا منها منتخبات أقل شهرة. هذا دليل أن كرة القدم تغيرت!

تسع كؤوس عالمية هو مجموع البطولات التي أحرزتها كل من البرازيل (٥ كؤوس) وألمانيا. إلى ثلاث مسابقات أوروبية للألمان وتسعة مسابقات كوبا اميركا للبرازيليين. ومع ذلك، تجد أنّ هذه المنتخبات تعاني للذهاب بعيدًا في المسابقات الكبرى. فالمنتخبان خرجا من الدور ربع النهائي للمسابقتين القاريتين اللتين شاركا بهما مؤخرًا. 
هل هذا دليل تقهقر؟ نعم. فالمنتخبان يجمعان عددًا كبيرًا من الألقاب العالمية والقارية، ومع ذلك تجدهما يعانيان في تخطي الأدوار الأولى والوصول إلى مراحل المنافسة على الألقاب. 
البرازيل فشلت في  تخطي الدور ربع النهائي لآخر كأسي عالم، ناهيك عن الخسارة المذلة التي تعرضت لها أمام المانيا بنتيجة ٧-١ في على أرضها وبين جمهورها في نصف نهائي كأس العالم عام ٢٠١٤. المانيا كذلك لم تنعم براحة البال منذ ذلك التاريخ، فتقهقرت نتائجها وخرجت من الدور الأول لكأسي العالم في النسختين الأخيرتين. 
لا الفوز بكوبا اميركا عام ٢٠١٩ شفى غليل البرازيليين، ولا كأس القارات التي أحرزتها المانيا عام ٢٠١٧ هدّأت بال الجمهور الألماني. فالمنتخبان اعتادا على لعب أدوار البطولة وليس الإكتفاء بالفرجة، والتاريخ يشهد على صولات وجولات بلاد السامبا والماكينات الألمانية. 
قد يقول البعض انّ البرازيل تملك مواهب كثيرة ولكن ينقصها الإنضباط عند اللاعبين والتكتيكات الكروية الحديثة عند المدربين. ولكن ها هي جارة البرازيل وخصمها اللدود الأرجنتين فازت بآخر مسابقة في الكوبا أميركا وبآخر نسخة كأس عالم وهي لا تملك، باستثناء ليونيل ميسي أي موهبة تضاهي مواهب البرازيليين مثل فينيسيوس ورودريغو والشاب أندريك وغيرهم. لكن مدرب بلاد التانغو ليونيل سكالوني عرف كيف يجلب المجد لبلاده وفاز بالكوبا أميركا واتبع ذلك بالفوز بكأس العالم الأخيرة التي أقيمت في قطر. 
المانيا من جهتها كانت من أقوى منتخبات العالم وكان الفوز عليها أمر شبه مستحيل، وخصوصًا في المسابقات الرسمية. وكانت إحدى أهم نقاط القوة للألمان هي اللياقة البدنية العالية، مما جعل الصحافيين يلقبونهم بالماكينات، والقوة الذهنية التي كانت تؤهلهم للعب بروح قتالية عالية حتى الدقائق الأخيرة لأي لقاء. وقد أصبح هذا الأمر شائعًا عند منتخبات أخرى والدليل تسجيل اسبانيا لهدف قاتل في مرمى الألمان وإقصائهم من اليورو. 
كرة القدم الحديثة لم تعُد تعتمد على عامل واحد أو إثنان من أجل إحداث الفارق، إنّ كرة القدم اصبحت عملًا متكاملًا تقوم به منظومة متكاملة تضع خططًا قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد ويجري العمل على أساسها. والدليل على ذلك أنّ مستويات المنتخبات أصبحت متقاربة، وهذا الأمر ينطبق على عدد كبير من المنتخبات التي تقاربت مستوياتها. والدليل على ذلك وصول منتخبات مثل سويسرا وتركيا إلى ربع نهائي اليورو وكندا وكولومبيا إلى نصف نهائي كوبا اميركا. 
على المنتخبات صاحبة التاريخ المجيد أن تتنبّه إلى أنّ هذا الزمن هو زمن الفرص المتساوية نظرًا لتقارب المستويات، وأنّه على هذه المنتخبات بذل جهد أكبر إذا ارادت أن تستمر بسيطرتها على اللعبة والا ستأتي دول أخرى وتسحب البساط من تحت اقدام البلدان العريقة كرويًا وتبدأ خطف الألقاب.