المساعدون القضائيون.. الرواية الكاملة

المساعدون القضائيون.. الرواية الكاملة

  • ٠٧ شباط ٢٠٢٤
  • إلياس معلوف

شهدت قصور العدل توقفًا شاملاً عن العمل منذ بداية الشهر الحالي بعدما عاد المساعدون القضائيون إلى الإعتكاف عن العمل كوسيلة ضغطٍ لتحسين رواتبهم. ويستمر الإضراب المؤقت حتى الخميس المقبل، فالمساعدون القضائيون لا يزالون يتقاضون أساس راتبهم على دولار الـ1500 فيما موازنة 2024 لم تنصفهم وزادت من «الطين بلة».

من غير المنطقي أن يكون من واجبنا كشف الظلم والفساد، بينما نحن أنفسنا متضررون من جشع نظام السلطة الحاكمة، يقول مساعد قضائي في حديث خاص ل«بيروت تايم»، رافضاً الكشف عن هويته، وسنصل إلى مرحلة التقاعد براتب يصل إلى مليوني ليرة لبنانية فقط بعد 45 عاماً من الخدمة. وسيستمر الإعتكاف حتى الثامن من الشهرالجاري ، وبعد هذا التاريخ، إنْ لن يلتئم مجلس الوزراء للبحث في مطالبنا، فسنواصل إضرابنا وسنلجأ إلى التصعيد بغية الوصول إلى حلٍّ منطقي. 

ويستطرد موضحاً أنّه بعد الأزمة الإقتصادية التي عصفت بالبلاد عام 2019، أصبح راتب المساعد القضائي لا يزيد عن مليوني ليرة لبنانية. ولكن، بعدما تمّ ضرب هذا الراتب بسبعة معاشات، إرتفع ليصل تقريباً إلى 10.5 ملايين ليرة، بالإضافة إلى بدل النقل. وعليه، أصبحت الرواتب تتراوح بين 16 مليون و25 مليون ليرة.

ويفنّد المساعد القضائي المعاناة التي لم تعُد تُحتمل بحسب قوله، لافتاً إلى أنّه ينتمي إلى تعاونية موظفي الدولة، ولكم أن تتخيلوا ما تمثله هذه التعاونية اليوم. في السابق، كانت التعاونية تكفل مجمل مصاريف العمليات، حتى لو بلغت تكاليف العملية الجراحية 40 مليون ليرة. فيما اليوم التغطية بالليرة اللبنانية، وعلى سبيل المثال، خضعت لعمليتين في القلب ومنذ أربعة أشهر إحتجت الى تركيب جهازي تنظيم ضربات القلب ، غير أنّ التعاونية تكفلت بتكاليف  جهاز واحد فقط بمبلغ مليوني ليرة، بينما تبلغ تكلفة الجهاز الواحد 1500 دولار. وبالتالي، تحملت على نفقتي الخاصة فارق التكلفة البالغ 3000 دولاراً.

ويتميز المساعد القضائي عن سائر الموظفين في الإدارات بأمرين رئيسيين: أولاً، عدم قدرته على إعلان الإضراب المفتوح نظراً  لالتزامه بالمهلة القانونية المعروفة بمهلة الإسقاط، التي قد تؤثر سلباً على الأفراد، خصوصاً أنّ هذه المهلة لا يمكن إستعادتها إلا بقرار جماعي من مجلس الوزراء. ثانيًا، لا يحصل المساعد القضائي على إجازة سنوية مثل باقي الموظفين، بل يُمنح إجازة قضائية محدّدة زمنياً يتوجب عليه الإلتزام بها.

هذا وصدر قرار من مجلس شورى الدولة يقضي بمنح الموظفين في القطاع العام بدل إنتاجية يومي بناءً على الحضور، يتراوح هذا البدل بين مليون و800 ألف ليرة ومليونين و400 ألف ليرة. هذا الإجراء يحتّم على موظفي القطاع العام الحضور اليومي، إذ إنّ حضورهم يسهم في زيادة إيرادات الدولة بشكل يفوق هذا المبلغ بكثير، نظراً  لأنّ الدولة تعتمد على الموظفين في القطاع العام لجمع الضرائب.

من هو المساعد القضائي؟

حدّد قانون القضاء العدلي نظام المساعدين القضائيين. وهم رئيس القلم ورئيس الكتبة والكتبة والمباشر والمستكتب في أقلام الدوائر القضائية، ويتمّ تحديد عددهم وفئاتهم ورواتبهم ضمن مراسيم تُتخذ في مجلس الوزراء بناء على إقتراح وزير العدل (المادة 114 من قانون القضاء العدلي). ويتمّ إختيارهم وفق مباراة يحدّد شروطها وزير العدل (المادة 118 من قانون القضاء العدلي). كما يحدّد قانون القضاء العدلي الشروط اللازمة للدخول إلى المباراة، وهي الشهادة المتوسطة للمستكتب والمباشر، شهادة البكالوريا للكاتب ورئيس الكتبة، الإجازة في الحقوق اللبنانية لرئيس القلم. ويعيّن المرشحون الناجحون في المباراة بمرسوم يصدر بناء على إقتراح وزير العدل (المادة 119).

أما دور المساعد القضائي فهو إستلام الدعاوى وتسجيلها وترقيمها ووضعها في ملفات مخصّصة لها (المادة 389 و393 من قانون أصول المحاكمات المدنية). كما يساعد الكاتب القاضي في جلسات المحاكمة والتحقيق والمعاينة مع إلزامية تحرير المحضر والتوقيع عليه إلى جانب القاضي تحت طائلة بطلان المحضر والجلسة (المادة 390 من قانون أصول المحاكمات المدنية). وينظم رئيس القلم جداول شهرية بأعمال المحكمة كافة (المادة 392 من قانون أصول المحاكمات المدنية) وجداول شهرية لحضور القضاة والموظفين من أجل بدل النقل، إضافة إلى جدول سنوي يرسل إلى وزارة العدل والتفتيش القضائي ومجلس القضاء الأعلى. كما يعرض على القاضي الملف ويقوم الكاتب بتسجيل الأحكام والقرارات (المادة 392 من قانون أصول المحاكمات المدنية). يرافق المساعد القضائي القاضي في جلسات المحاكمة وعند صدور قرار القاضي أو الحكم وينظم الفقرات الحكمية اللازمة لإبلاغها للفرقاء، وعند إنبرام الحكم ينظم خلاصة له ويرسله للتنفيذ (المادة 394 و398 و399 من قانون أصول المحاكمات المدنية). 

وقد حصلت إعتكافات متكررة عام 2023 تمكّن المساعدون القضائيون من  خلالها من تحصيل تحسينات بسيطة على مداخيلهم. وفي آخر إعتكاف حصل في صيف 2023، تمّكنوا من إقرار رسم قضائي بقيمة 100 ألف ليرة على كل تسجيل لملف في القلم رغم غياب النصّ القانوني الذي يُجيز ذلك. وموّل هذا الرسم تأمين مساعدة بقيمة 30 دولاراً لكلّ موظف في الشهر، وذلك تعويضاً عن خسارتهم المساعدة التي كانوا يحصلون عليها في السابق بقيمة 600 دولار كلّ شهرين.