هلاك القضية الفلسطينية.. يمرّ فوق غزة والجنوب؟!

هلاك القضية الفلسطينية.. يمرّ فوق غزة والجنوب؟!

  • ٠٥ تموز ٢٠٢٤
  • عبدالله ملاعب

الحربُ في غزة، والمخطط في الضفة الغربية، والجنوب يردع

«إنهوا الحرب في غزة، أنهي الحرب في لبنان»، هي جملة أمين عام حزب الله منذ الثامن من أكتوبر حتى اليوم. جبهة «إسناد» كلّفت حزب الله خسارة أعلى قياداته العسكرية. قتلت إسرائيل قائد وحدة الرضوان وسام الطويل في 8 كانون الثاني 2024، من ثم قتلت قائد وحدة النصر سامي عبدالله طالب في 11 حزيران الماضي، وفي الأول من أمس قتلت محمد نعمة ناصر قائد وحدة عزيز. وباغتيال نعمة ناصر، وصلت إسرائيل إلى الخط الأحمر. لم يبقَ من قادة الصف الأول إلا أسماء قليلة، وإن طالتهم التصفيات، فالحرب عندها حتمية. 
نجح حزب الله في فرض قوّة ردع. أكَّد أنَّ إسرائيل تُواجه. وأنَّه يستطيع إشغالها. حال الطوارئ في إسرائيل تمتدّ اليوم من الحدود المتاخمة مع لبنان إلى عمق حيفا. إلا أنَّ نجاح الردع لا يعني أبداً نجاح الإسناد. لأنَّ الحرب الحقيقة ليست في غزة. وهي لم تكن يوماً في القطاع. هي في الضفة الغربية، وتحديداً في القدس. واقع تعرفه «حركة حماس» ويعرفه «حزب الله»، وقادة «الساحات الموحدة» كلّهم. والهزيمة الفلسطينية الحقيقية، وقعت، حتى قبل «اليوم التالي»، فهي إلى جانب عشرات آلاف الشهداء الذين سقطوا في غزَّة، تتمثّل بابتلاع إسرائيل الضفة الغربية. فلا «حركة حماس» نجحت في نقل النار من غزة إلى الضفة الغربية، إن كانت فعلا ًأرادت ذلك، ولا العالم أجمع نجح في منع إسرائيل من قضم الضفة الغربية، بعد طوفان الأقصى. 

الضفة الغربية «الإسرائيلية» 

منذ مطلع العام 2024، صادرت إسرائيل حوالي 24 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية. وهي أكبر عملية إسرائيلية إستيطانية منذ إتفاق أوسلو الذي وُقّع عام 1993. نكبة جديدة ترتكبها إسرائيل في الضفة الغربية. كل تلك الأراضي، فتحتها إسرائيل أمام مواطنيها لإستئجارها.5 بؤر فلسطينية واسعة صارت اليوم إسرائيلية، حظرت فيها إسرائيل ملكية الفلسطينيين لأراض عربية.

كان العالم قبل 7 أكتوبر، مع الفلسطينيين يمنع هذا القضم الخطير لأراضٍ تبدأ من حدود الأردن. حتى واشنطن آنذاك لم تكن على الجانب الإسرائيلي. إلا أنَّ طوفان الأقصى كان جسر عبور الإسرائيليين إلى التوسّع وتغيير الخارطة من جديد، لمنع قيام دولة فلسطينية تطالب فيها عواصم عالمية اليوم.  وضعت إسرائيل عبر تلك العمليات الإستيطانية، الحجر الأساس «لأسرلة» الضفة الغربية التي يسكنها 3 ملايين فلسطينيا في مناطق مُقسّمة بنظام «الأبيرتايد». فيما يعيش 490 ألف إسرائيلياً، سيتضاعف عددهم تدريجياً. وسيضيق الخناق أكثر على الفلسطينيين ليدخلوا موجة جديدة من الترحال.  وزير المالية الإسرائيلية المتطرّف بتسلئيل سموترتش، الذي خطط لهذا القضم الكبير، قال جهارة، «إنَّ هذه العملية تستهدف السلطة الفلسطينية» التي بموجب القرار، خسر مسؤولوها إمتيازات في السفر والتحرّك، وخسروا أراضٍ كانت تتبع لهم بموجب إتفاق أوسلو. 

يتفرّج العالم بأسره على ما يجري في الضفة الغربية، وهو كلّه لا قانوني دولياً، إلا أنَّه يجري بحصانة أميركية واسعة. يقول متابعون فلسطينيون لهذا الشأن، لـ «بيروت تايم»، إنَّ إسرائيل تريد تصفية القضية الفلسطينية، قبل اليوم التالي لحرب غزة. وهذا فعلا ما يقوله الميدان. فبعد إحراق الأرض في غزة، واستكمال العمل الحثيث لطرد الفلسطينيين إلى سيناء، أتى دور الضفة الغربية، حيث سلطة فلسطينية، تأسّست في أوسلو ومشت بخطوات مستقيمة رغم كلّ الثغر نحو بناء دولة فلسطينية، ليتلاشى هذا كلّه اليوم، تماما كما تريد إسرائيل.  

6 آلاف وحدة استيطانية ستُبنى على الأراضي الجديدة. والضوء الأخضر الأميركي أُعطي. وبصمت يمضي هذا المخطط ، ويمرّ مرور الكرام. يغيب عن أكبر المحافل الدولية، من ضمنها الأمم المتحدة التي لم تقُم بما يكفي. والسبب ببساطة نجاح إسرائيل في أخذ العالم بأسره إلى ملعبها المُعلن، إلى غزة المُدمَّرة. وقد تكون «حركة حماس»، قد استيقظت اليوم، لإدراك خطورة ما يحدث في الضفة. تراجع الحركة عن شرط وقف القتال في المرحلة الأولى من الهدنة المقترحة، أمر إيجابي. إلا أنَّ الكرة في ملعب نتنياهو الذي يبدو أنَّه لن يوافق على المقترح بسبب الضغوطات السياسية بالإنقلاب الفوري عليه، وتحطيم سلطته إن أبرم إتفاق مع حماس، فيما هو لم يحقّق أي هدف من تلك التي وضعها مطلع الطوفان.

لبنانياً، يُوقف حزب الله عملياته فور وقف القتال، فوق الأرض المحروقة في غزة. ويتّجه الحزب برعاية ووساطة أميركية أوروبية دولية، إلى مباحثات غير مباشرة مع إسرائيل للتوصل إلى صيغة ترضي إسرائيل التي لن تستمر، إن دام الخطر عليها من الحدود الشماليّة. لن يكون من السهل إيجاد صيغة مرضية للحدود اللبنانية الإسرائيلية، ولكنّ تلك المباحثات ستأتي آجلا أم عاجلا. بعد حرب واسعة، أو بعد حرب الإستنزاف الحاضرة الآن. كل الخيارات ممكنة، والخوف، كل الخوف، من إستمرار سياسة تصفية قيادات حزب الله العسكرية.